فالمعتبر حينئذ هو الظن بالواقع، ويكون مفاد الأقوى حينئذ ظنا والأضعف وهما، فيؤخذ بالظن ويترك غيره (1)، انتهى.
أقول: كأن غرضه - بعد فرض جعل الأصول من باب الظن وعدم وجوب العمل بالاحتياط -: أن انسداد باب العلم في الوقائع مع بقاء التكليف فيها يوجب عقلا الرجوع إلى طائفة من الأمارات الظنية، وهذه القضية يمكن أن تكون مهملة ويكون القياس خارجا عن حكمها، لا أن (2) العقل يحكم بعمومها ويخرج الشارع القياس، لأن هذا عين ما فر منه من الإشكال. فإذا علم بخروج القياس عن هذا الحكم فلا بد من إعمال الباقي في مواردها، فإذا وجد في مورد أصل وأمارة - والمفروض أن الأصل لا يفيد الظن في مقابل الأمارة - وجب الأخذ بها، وإذا فرض خلو المورد عن الأمارة اخذ بالأصل، لأنه يوجب الظن بمقتضاه.
وبهذا (3) التقرير: يجوز منع الشارع عن القياس، بخلاف ما لو قررنا دليل الانسداد على وجه يقتضي الرجوع في كل مسألة إلى الظن الموجود فيها، فإن هذه القضية لا تقبل الإهمال ولا التخصيص، إذ ليس في كل مسألة إلا ظن واحد.
وهذا معنى قوله في مقام آخر: إن القياس مستثنى من الأدلة الظنية، لا أن الظن القياسي مستثنى من مطلق الظن. والمراد بالاستثناء