فالإجماع على سقوط العمل بالأصول مطلقا، لا على ثبوته.
ثم إن هذا العلم الإجمالي وإن كان حاصلا لكل أحد قبل تمييز (1) الأدلة عن غيرها، إلا أن من تعينت له الأدلة وقام الدليل القطعي عنده على بعض الظنون عمل بمؤداها، وصار المعلوم بالإجمال عنده معلوما بالتفصيل، كما إذا قامت أمارة معتبرة كالبينة واليد على حرمة بعض (2) القطيع الذي علم بحرمة كثير من شياهها، فإنه يعمل بمقتضى الأمارة، ثم يرجع في مورد فقدها إلى أصالة الحل، لأن المعلوم إجمالا صار معلوما بالتفصيل، والحرام الزائد عليه غير معلوم التحقق في أول الأمر.
وأما من لم يقم عنده الدليل (3) على أمارة، إلا أنه ثبت له عدم وجوب الاحتياط، والعمل بالأمارات لا من حيث إنها أدلة، بل من حيث إنها مخالفة للاحتياط وترك الاحتياط فيها موجب لاندفاع العسر، فلا رافع (4) لذلك العلم الإجمالي لهذا الشخص بالنسبة إلى المشكوكات.
فعلم مما ذكرنا: أن مقدمات دليل الانسداد على تقرير الحكومة وإن كانت تامة في الإنتاج إلا أن نتيجتها لا تفي بالمقصود: من حجية