الأقرب إلى الواقع، فإذا فرضنا أن مشكوك الاعتبار يحصل منه ظن بالواقع أقوى مما يحصل من الظن المظنون الاعتبار، كان الأول أولى بالحجية في نظر العقل، ولذا قال صاحب المعالم: إن العقل قاض بأن الظن إذا كان له جهات متعددة متفاوتة بالقوة والضعف، فالعدول عن القوي منها إلى الضعيف قبيح (1)، انتهى.
نعم، لو كان قيام الظن على حجية بعضها مما يوجب قوتها في نظر العقل - لأنها جامعة لإدراك الواقع أو بدله على سبيل الظن، بخلافه - رجع الترجيح به إلى ما ذكرنا سابقا، وذكرنا ما فيه.
وحاصل الكلام يرجع إلى: أن الظن بالاعتبار إنما يكون صارفا للقضية إلى ما قام عليه من الظنون إذا حصل القطع بحجيته في تعيين الاحتمالات، أو صار موجبا لكون الإطاعة بمقتضاها أتم، لجمعها بين الظن بالواقع والظن بالبدل. والأول موقوف على حجية مطلق الظن.
والثاني لا اطراد له، لأنه قد يعارضها قوة المشكوك الاعتبار.
وربما التزم بالأول بعض من أنكر حجية مطلق الظن (2)، وأورده إلزاما على العاملين (3) بمطلق الظن، فقال:
" كما يقولون يجب علينا في كل واقعة البناء على حكم، ولعدم كونه معلوما يجب في تعيينه العمل بالظن، فكذا نقول: بعدما وجب علينا العمل بالظن ولم نعلم تعيينه، يجب علينا في تعيين هذا الظن