اليقين تم ما ذكر، وإلا كان اتكالا على الظن.
والحاصل: أنه لا قطع لصرف الدليل إلى تلك الظنون.
ثم أجاب: بأن الاتكال ليس على الظن الحاصل بحجيتها، ولا على الظن بترجيح تلك الظنون على غيرها، بل التعويل على القطع بالترجيح.
وتوضيحه: أن قضية دليل الانسداد حجية الظن على سبيل الإهمال، فيدور الأمر بين القول بحجية الجميع والبعض، ثم الأمر في البعض يدور بين المظنون وغيره، وقضية العقل في الدوران بين الكل والبعض هو الاقتصار على البعض، أخذا بالمتيقن، ولذا قال علماء الميزان: إن المهملة في قوة الجزئية.
ولو لم يتعين البعض في المقام ودارت الحجية بينه وبين سائر الأبعاض من غير تفاوت في نظر العقل، لزم الحكم بحجية الكل، لبطلان الترجيح من غير مرجح.
وأما لو كانت حجية البعض - مما فيه الكفاية - مظنونة بخصوصه بخلاف الباقي، كان ذلك أقرب إلى الحجية من غيره مما لم يقم على حجيته دليل، فيتعين عند العقل الأخذ به دون غيره، فإن الرجحان حينئذ قطعي وجداني، والترجيح من جهته ليس ترجيحا بمرجح ظني وإن كان ظنا بحجية تلك الظنون، فإن كون المرجح ظنا لا يقتضي كون الترجيح ظنيا، وهو ظاهر (1)، انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول: قد عرفت سابقا (2): أن مقدمات دليل الانسداد، إما أن