ثم إن ما ذكره - من عدم العلم بكون الظواهر من المحكمات واحتمال كونها من المتشابهات - ممنوع:
أولا: بأن المتشابه لا يصدق على الظواهر لا لغة ولا عرفا، بل يصح سلبه عنه، فالنهي الوارد عن اتباع المتشابه لا يمنع، كما اعترف به في المقدمة الأولى، من أن مقتضى القاعدة وجوب العمل بالظواهر.
وثانيا: بأن احتمال كونها من المتشابه لا ينفع في الخروج عن الأصل الذي اعترف به.
ودعوى اعتبار العلم بكونها من المحكم هدم لما اعترف به من أصالة حجية الظواهر، لأن مقتضى ذلك الأصل جواز العمل إلا أن يعلم كونه (1) مما نهى الشارع عنه.
وبالجملة: فالحق ما اعترف به (قدس سره)، من أنا لو خلينا وأنفسنا لعملنا بظواهر الكتاب، ولا بد للمانع من إثبات المنع.
ثم إنك قد عرفت مما ذكرنا: أن خلاف الأخباريين في ظواهر الكتاب ليس في الوجه الذي ذكرنا، من اعتبار الظواهر اللفظية في الكلمات الصادرة لإفادة المطالب (2) واستفادتها (3)، وإنما يكون خلافهم في أن خطابات الكتاب لم يقصد بها استفادة المراد من أنفسها، بل بضميمة تفسير أهل الذكر، أو أنها ليست بظواهر بعد احتمال كون محكمها من المتشابه، كما عرفت من كلام السيد المتقدم (4).