الشيباني عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب قال سأل عمر بن الخطاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال " أليس قد بين الله ذلك " فنزلت " يستفتونك " الآية. قال قتادة وذكر لنا أن أبا بكر الصديق قال في خطبته ألا إن الآية التي نزلت في أول سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والاخوة من الام والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الاخوة والأخوات من الأب والام والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولى الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله مما جرت الرحم من العصبة رواه ابن جرير.
" ذكر الكلام على معناها " وبالله المستعان وعليه التكلان. قوله تعالى " إن امرؤ هلك " أي مات قال الله تعالى " كل شئ هالك إلا وجهه " كل شئ يفنى ولا يبقى إلا الله عز وجل كما قال " كل من عليها فإن ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام " وقوله " ليس له ولد " تمسك به من ذهب إلى أنه ليس من شرط الكلالة انتفاء الوالد بل يكفي في وجود الكلالة انتفاء الولد وهو رواية عن عمر بن الخطاب رواها ابن جرير عنه بإسناد صحيح إليه ولكن الذي يرجع إليه هو قول الجمهور وقضاء الصديق أنه الذي لا ولد له ولا والد ويدل على ذلك قوله " وله أخت فلها نصف ما ترك " ولو كان معها أب لم ترث شيثا لأنه يحجها بالاجماع فدل على أنه لا ولد له بنص القرآن ولا والد بالنص عند التأمل أيضا لان الأخت لا يفرض لها النصف مع الوالد بل ليس لها ميراث بالكلية. وقال الإمام أحمد حدثنا الحكم بن نافع حدثنا أبو بكر بن عبد الله عن مكحول وعطية وحمزة وراشد عن زيد بن ثابت أنه سئل عن زوج وأخت لأب وأم فأعطى الزوج النصف والأخت النصف فكلم في ذلك فقال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بذلك. تفرد به أحمد من هذا الوجه وقد نقل ابن جرير وغيره عن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا يقولان في الميت ترك بنتا وأختا إنه لا شئ للأخت لقوله " إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك " قال فإذا ترك بنتا فقد ترك ولدا فلا شئ للأخت وخالفهما الجمهور فقالوا في هذه المسألة للبنت النصف بالفرض وللأخت النصف الآخر بالتعصيب بدليل غير هذه الآية وهذه الآية نصت أن يفرض لها في هذه الصورة وأما وراثتها بالتعصيب فلما رواه البخاري من طريق سليمان عن إبراهيم عن الأسود قال قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم النصف للبنت والنصف للأخت ثم قال سليمان قضى فينا ولم يذكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صحيح البخاري أيضا عن هزيل بن شرحبيل قال سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال للابنة النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود فأخبره بقول أبي موسى فقال: لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم النصف للبنت ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم. وقوله " وهو يرثها إن لم يكن لها ولد " أي والأخ يرث جميع ما لها إذا ماتت كلالة وليس لها ولد أي ولا والد لأنها لو كان لها والد لم يرث الأخ شيئا فإن فرض أن معه من له فرض صرف إليه فرضه كزوج أو أخ من أم وصرف الباقي إلى الأخ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلاولى رجل ذكر " وقوله " فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك " أي فإن كان لمن يموت كلالة أختان فرض لهما الثلثان وكذا ما زاد على الأختين في حكمهما ومن ههنا أخذ الجماعة حكم البنتين كما استفيد حكم الأخوات من البنات في قوله " فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك " وقوله " وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين " هذا حكم العصبات من البنين وبني البنين والاخوة إذا اجتمع ذكورهم وإناثهم أعطى الذكر مثل حظ الأنثيين وقوله " يبين الله لكم " أي يفرض لكم فرائضه ويحد لكم حدوده ويوضح لكم شرائعه وقوله " أن تضلوا " أي لئلا تضلوا عن الحق بعد البيان " والله بكل شئ عليم " أي هو عالم بعواقب الأمور ومصالحها وما فيها