للشبه ولهذا قال " وأنزلنا إليكم فورا مبينا " أي ضياء واضحا على الحق قال ابن جريج وغيره هو القرآن " فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به " أي جمعوا بين مقامي العبادة والتوكل على الله في جميع أمورهم وقال ابن جريج: آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن. رواه ابن جرير " فسيدخلهم في رحمة منه وفضل " أي يرحمهم فيدخلهم الجنة ويزيدهم ثوابا ومضاعفة ورفعا في درجاتهم من فضله عليهم وإحسانه إليهم " ويهديهم إليه صراطا مستقيما " أي طريقا واضحا قصدا قواما لا اعوجاج فيه ولا انحراف وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات. وفي حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " القرآن صراط الله المستقيم وحبل الله المتين ". وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير ولله الحمد والمنة.
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شئ عليم (176) قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن أبي إسحق قال: سمعت البراء آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت يستفتونك وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله قال دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل قال فتوضأ ثم صب علي أو قال " صبوا عليه " فقلت إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث؟ فأنزل الله آية الفرائض أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة ورواه الجماعة من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر به وفي بعض الألفاظ فنزلت آية الميراث " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة " الآية. وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان وقال أبن الزبير قال يعني جابرا نزلت في " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة " وكأن معنى الكلام والله أعلم يستفتونك عن الكلالة " قل الله يفتيكم " فيها فدل المذكور على المتروك. وقد تقدم الكلام على الكلالة واشتقاقها وأنها مأخوذة من الإكليل الذي يحيط بالرأس من جوانبه ولهذا فسرها أكثر العلماء: بمن يموت وليس له ولد ولا والد ومن الناس من يقول الكلالة من لا ولد له كما دلت عليه هذه الآية " إن امرؤ هلك ليس له ولد " وقد أشكل حكم الكلالة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " رضي الله عنه كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه: الجد والكلالة وباب من أبواب الربا. وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة قال: قال عمر بن الخطاب ما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شئ أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بأصبه في صدري وقال " يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء " هكذا رواه مختصرا وأخرجه مسلم مطولا أكثر من هذا. " طريق أخرى " قال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم حدثنا مالك يعني ابن مغول يقول سمعت الفضل بن عمرو عن إبراهيم عن عمر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال " يكفيك آية الصيف " فقال لان أكون سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم وهذا إسناد جيد إلا أن فيه انقطاعا بين إبراهيم وبين عمر فإنه لم يدركه. وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو بكر عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال " يكفيك آية الصيف ". وهذا إسناد جيد رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي بكر بن عياش به وكان المراد بآية الصيف أنها نزلت في فصل الصيف والله أعلم ولما أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى تفهمها فإن فيها كفاية نسي أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن معناها ولهذا قال فلان أكون سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم. وقال ابن جرير حدثنا ابن وكيع حدثنا جرير حدثنا