وكل قد ورد به القرآن أما من قدره باسم تقديره بسم الله ابتدائي فلقوله تعالى " وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم " ومن قدره بالفعل أمرا أو خبرا نحو أبدأ بسم الله أو ابتدأت بسم الله فلقوله تعالى " اقرأ باسم ربك الذي خلق " وكلاهما صحيح فإن الفعل لا بد له من مصدر فلك أن تقدر الفعل ومصدره وذلك بحسب الفعل الذي سميت قبله إن كان قياما أو قعودا أو أكلا أو شربا أو قراءة أو وضوءا أو صلاة فالمشروع ذكر اسم الله في الشروع في ذلك كله تبركا وتيمنا واستعانة على الاتمام والتقبل والله أعلم. ولهذا روى ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال إن أول ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال " يا محمد قل أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قال: قل " بسم الله الرحمن الرحيم " قال:
قال له جبريل باسم الله يا محمد يقول اقرأ بذكر الله ربك وقم واقعد بذكر الله تعالى " لفظ ابن جرير.
وأما مسألة الاسم هل هو المسمى أو غيره ففيها للناس ثلاثة أقوال، أحدها أن الاسم هو المسمى، وهو قول أبي عبيدة وسيبويه، واختاره الباقلاني وابن فورك وقال الرازي وهو محمد بن عمر المعروف بابن خطيب الري في مقدمات تفسيره: قالت الحشوية والكرامية والأشعرية الاسم نفس المسمى وغير نفس التسمية، وقالت المعتزلة الاسم غير المسمى ونفس التسمية، والمختار عندنا أن الاسم غير المسمى، وغير التسمية، ثم نقول إن كان المراد بالاسم هذا اللفظ الذي هو أصوات متقطعة وحروف مؤلفة، فالعلم الضروري حاصل أنه غير المسمى وإن كان المراد بالاسم ذات المسمى، فهذا يكون من باب إيضاح الواضحات وهو عبث، فثبت أن الخوض في هذا البحث على جميع التقديرات يجري مجرى العبث. ثم شرع يستدل على مغايرة الاسم للمسمى بأنه قد يكون الاسم موجودا والمسمى مفقودا كلفظة المعدوم وبأنه قد يكون للشئ أسماء متعددة كالمترادفة وقد يكون الاسم واحدا والمسميات متعددة كالمشترك وذلك دال على تغاير الاسم والمسمى وأيضا فالاسم لفظ وهو عرض والمسمى قد يكون ذاتا ممكنة أو واجبة بذاتها وأيضا فلفظ النار والثلج لو كان هو المسمى لوجد اللافظ بذلك حر النار أو برد الثلج ونحو ذلك ولا يقوله عاقل وأيضا فقد قال الله تعالى " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن لله تسعة وتسعين اسما " فهذه أسماء كثيرة والمسمى واحد وهو الله تعالى وأيضا فقوله " ولله الأسماء " أضافها إليه كما قال " فسبح باسم ربك العظيم " ونحو ذلك فالإضافة تقتضي المغايرة وقوله تعالى " فادعوه بها " أي فادعوا الله بأسمائه وذلك دليل على أنها غيره واحتج من قال الاسم هو المسمى بقوله تعالى " تبارك اسم ربك ذو الجلال والاكرام " والمتبارك هو الله تعالى والجواب أن الاسم معظم لتعظيم الذات المقدسة وأيضا فإذا قال الرجل زينب طالق يعني امرأته طلقت ولو كان الاسم غير المسمى لما وقع الطلاق والجواب أن المراد أن الذات المسماة بهذا الاسم طالق. قال الرازي: وأما التسمية فإنها جعل الاسم معينا لهذه الذات فهي غير الاسم أيضا والله أعلم.
" الله " علم على الرب تبارك وتعالى يقال إنه الاسم الأعظم لأنه يوصف بجميع الصفات كما قال تعالى " هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له كما قال تعالى " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " وقال تعالى " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى " وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة " وجاء تعدادها في رواية الترمذي وابن ماجة وبين الروايتين اختلاف زيادة ونقصان وقد ذكر الرازي في تفسيره عن بعضهم أن لله خمسة آلاف اسم ألف في الكتاب والسنة الصحيحة وألف في التوراة وألف في الإنجيل وألف في الزبور وألف في اللوح المحفوظ.
وهو اسم لم يسم به غيره تبارك وتعالى ولهذا لا يعرف في كلام العرب له اشتقاق من فعل يفعل فذهب من ذهب من