النحاة إلى أنه اسم جامد لا اشتقاق له وقد نقله القرطبي عن جماعة من العلماء منهم الشافعي والخطابي وإمام الحرمين والغزالي وغيرهم، وروى عن الخليل وسيبويه أن الألف واللام فيه لازمة قال الخطابي ألا ترى أنك تقول يا الله ولا تقول يا الرحمن فلولا أنه من أصل الكلمة لما جاز إدخال حرف النداء على الألف واللام وقيل إنه مشتق واستدلوا عليه بقول رؤبة بن العجاج:
لله در الغانيات المدة * سبحن واسترجعن من تألهي فقد صرح الشاعر بلفظ المصدر وهو التأله من أله يأله إلاهة وتألها كما روى عن ابن عباس أنه قرأ " ويذرك وإلاهتك " قال عبادتك أي أنه كان يعبد ولا يعبد وكذا قال مجاهد وغيره وقد استدل بعضهم على كونه مشتقا بقوله تعالى " وهو الله في السماوات وفي الأرض " كما قال تعالى " وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " ونقل سيبويه عن الخليل أن أصله إلاه مثل فعال فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة، قال سيبويه مثل الناس أصله أناس وقيل أصل الكلمة لاه فدخلت الألف واللام للتعظيم وهذا اختيار سيبويه. قال الشاعر:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب * عني ولا أنت دياني فتخزوني قال القرطبي بالخاء المعجمة أي فتسوسني وقال الكسائي والفراء أصله الاله حذفوا الهمزة وأدغموا اللام الأولى في الثانية كما قال " لكنا هو الله ربي " أي لكن أنا وقد قرأها كذلك الحسن، قال القرطبي ثم قيل هو مشتق من وله إذا تحير والوله ذهاب العقل يقال رجل واله وامرأة ولهى ومولوهة إذا أرسل في الصحراء فالله تعالى يحير أولئك في الفكر في حقائق صفاته فعلى هذا يكون ولاه فأبدلت الواو همزة كما قالوا في وشاح أشاح ووسادة أسادة وقال الرازي وقيل إنه مشتق من ألهت إلى فلان أي سكنت إليه فالعقول لا تسكن إلا إلى ذكره، والأرواح لا تفرح إلا بمعرفته لأنه الكامل على الاطلاق دون غيره قال الله تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا " قال وقيل من لاه يلوه إذا احتجب وقيل اشتقاقه من أله الفصيل أولع بأمه والمعنى أن العباد مألوهون مولعون بالتضرع إليه في كل الأحوال قال:
وقيل مشتق من أله الرجل يأله إذا فزع من أمر نزل به فألهه أي أجاره فالمجير لجميع الخلائق من كل المضار هو الله سبحانه لقوله تعالى " وهو يجير ولا يجار عليه " وهو المنعم لقوله تعالى " وما بكم من نعمة فمن الله " وهو المطعم لقوله تعالى " وهو يطعم ولا يطعم " وهو الموجد لقوله تعالى " قل كل من عند الله " وقد اختار الرازي أنه اسم غير مشتق البتة قال وهو قول الخليل وسيبويه وأكثر الأصوليين والفقهاء ثم أخذ يستدل على ذلك بوجوه منها أنه لو كان مشتقا لاشترك في معناه كثيرون ومنها أن بقية الأسماء تذكر صفات له فتقول الله الرحمن الرحيم الملك القدوس فدل أنه ليس بمشتق قال: فأما قوله تعالى " العزيز الحميد الله " على قراءة الجر فجعل ذلك في باب عطف البيان ومنها قوله تعالى " هل تعلم له سميا " وفى الاستدلال بهذه على كون هذا الاسم جامدا غير مشتق نظر والله أعلم.
وحكى الرازي عن بعضهم أن اسم الله تعالى عبراني ثم ضعفه وهو حقيق بالتضعيف كما قال وقد حكى الرازي هذا القول ثم قال: واعلم أن الخلائق قسمان واصلون إلى ساحل بحر المعرفة ومحرومون قد بقوا في ظلمات الحيرة وتيه الجهالة فكأنهما قد فقدوا عقولهم وأرواحهم، وأما الواجدون فقد وصلوا إلى عرصة النور وفسحة الكبرياء والجلال فتاهوا في ميادين الصمدية وبادوا في عرصة الفردانية فثبت أن الخلائق كلهم والهون في معرفته، وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال لان الخلق يألهون إليه بفتح اللام وكسرها لغتان وقيل إنه مشتق من الارتفاع فكانت العرب تقول لكل شئ مرتفع لاها، وكانوا يقولون إذا طلعت الشمس لاهت وقيل إنه مشتق من أله الرجل إذا تعبد وتأله إذا تنسك. وقرأ ابن عباس " ويذرك وإلاهتك " وأصل ذلك الاله فحذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة فالتقت اللام التي هي عينها مع اللام الزائدة في أولها للتعريف فأدغمت إحداهما في الأخرى فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة وفخمت تعظيما فقيل الله.