أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه " وقد رواه أهل السنن الأربعة من رواية جعفر بن سليمان عن علي بن علي وهو الرفاعي، وقال الترمذي: هو أشهر شئ في هذا الباب، وقد فسر الهمز بالموتة وهي الخنق، والنفخ بالكبر والنفث بالشعر. كما رواه أبو داود وابن ماجة من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن عاصم الغزي عن نافع بن جبير المطعم عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين دخل في الصلاة قال " الله أكبر كبيرا ثلاثا، الحمد لله كثيرا ثلاثا، سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه " قال عمر: وهمزه الموتة ونفخه الكبر ونفثه الشعر. وقال ابن ماجة: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا ابن فضيل، حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه قال: همزه الموتة ونفخه الكبر ونفثه الشعر وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن يوسف، حدثنا شريك عن يعلي بن عطاء عن رجل حدثه أنه سمع أبا أمامة الباهلي يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاثا ثم قال " لا إله إلا الله ثلاث مرات، وسبحان الله وبحمده ثلاث مرات " ثم قال " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " وقال الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي في مسنده، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي، حدثنا علي بن هشام بن البريد عن يزيد بن زياد عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:
تلاحى رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فتمزع أنف أحدهما غضبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لاعلم شيئا لو قاله لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وكذا رواه النسائي في اليوم والليلة عن يوسف بن عيسى المروزي عن الفضل بن موسى عن يزيد بن زياد بن أبي الجعدية، وقد روى هذا الحديث أحمد بن حنبل عن أبي سعيد عن زائدة وأبو داود عن يوسف بن موسى عن جرير بن عبد الحميد والترمذي والنسائي في اليوم والليلة عن بندار عن ابن مهدي عن الثوري والنسائي أيضا من حديث زائدة بن قدامة ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فغضب أحدهما غضبا شديدا حتى يخيل إلي أن أحدهما يتمزع أنفه من شدة غضبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إني لاعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد من الغضب " فقال:
ما هي يا رسول الله؟ قال " يقول اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم " قال: فجعل معاذ يأمره فأبى وجعل يزداد غضبا وهذا لفظ أبي داود، وقال الترمذي: مرسل يعنى أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلق معاذ بن جبل فإنه مات قبل سنة عشرين " قلت " وقد يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى سمعه من أبي بن كعب كما تقدم وبلغه عن معاذ بن جبل فإن هذه القصة شهدها غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم. قال البخاري: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن الأعمش عن عدي بن ثابت قال: قال سليمان بن صرد رضي الله عنه. استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس فأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إني لاعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجده، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إني لست بمجنون، وقد رواه أيضا مع مسلم وأبي داود والنسائي من طرق متعددة عن الأعمش به.
وقد جاء في الاستعاذة أحاديث كثيرة يطول ذكرها ههنا وموطنها كتاب الأذكار وفضائل الأعمال والله أعلم وقد روي أن جبريل عليه السلام أول ما نزل بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالاستعاذة كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير، حدثنا أبو كريب، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا بشر بن عمارة حدثنا أبو روق عن الضحاك عن عبد الله بن عباس قال:
أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال " يا محمد استعذ " قال " أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " ثم قال " قل بسم الله الرحمن الرحيم " ثم قال " إقرأ باسم ربك الذي خلق " قال عبد الله: وهى أول سورة أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم بلسان جبريل. وهذا الأثر غريب وإنما ذكرناه ليعرف فإن في إسناده ضعفا وانقطاعا والله أعلم.
" مسألة " وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة يأثم تاركها، وحكى الرازي عن عطاء بن أبي