يخرجاه. وقال عبد الرزاق أنبأنا جعفر بن سليمان حدثنا حميد الأعرج عن مجاهد قال: جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم كفر الحارث فرجع إلى قومه فأنزل الله فيه " كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم - إلى قوله - غفور رحيم ". قال: فحملها إليه رجل من قومه فقرأ عليه فقال الحارث: إنك - والله ما علمت - لصدوق وإن رسول الله لأصدق منك وإن الله لأصدق الثلاثة قال: فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه فقوله تعالى " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات " أي قامت عليهم الحجج والبراهين على صدق ما جاءهم به الرسول ووضح لهم الامر ثم ارتدوا إلى ظلمة الشرك فكيف يستحق هؤلاء الهداية بعد ما تلبسوا به العماية؟ ولهذا قال تعالى " والله لا يهدي القوم الظالمين " ثم قال تعالى " أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " أي يلعنهم الله ويلعنهم خلقه " خالدين فيها " أي في اللعنة " لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون " أي لا يفتر عنهم العذاب ولا يخفف عنهم ساعة واحدة ثم قال تعالى " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " وهذا من لطفه وبره ورأفته ورحمته وعائدته على خلقه أن من تاب إليه تاب عليه.
إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون (90) إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين (91) يقول تعالى متوعدا ومهددا لمن كفر بعد إيمانه ثم ازداد كفرا أي استمر إلى الممات ومخبرا بأنهم لن تقبل لهم توبة عند الممات كما قال تعالى " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت " الآية ولهذا قال ههنا " لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون " أي الخارجون عن المنهج الحق إلى طريق الغي. قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيع حدثنا يزيد بن زريع حدثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس: أن قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم " هكذا رواه وإسناده جيد، ثم قال تعالى " إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به " أي من مات على الكفر فلن يقبل منه خير أبدا ولو كان قد أنفق ملء الأرض ذهبا فيما يراه قربة كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان وكان يقري الضيف ويفك العاني ويطعم الطعام هل ينفعه ذلك؟ فقال " لا إنه لم يقل يوما من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " وكذلك لو افتدى بملء ء الأرض أيضا ذهبا ما قبل منه كما قال تعالى " ولا يقبل منها عدل ولا ينفعها شفاعة " وقال " لا بيع فيه ولا خلال " وقال " إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم " ولهذا قال تعالى ههنا " إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به " فعطف ولو افتدى به على الأول فدل على أنه غيره. وما ذكرناه أحسن من أن يقال إن الواو زائدة والله أعلم ويقتضي ذلك أن لا ينقذه من عذاب الله شئ ولو كان قد أنفق مثل الأرض ذهبا ولو افتدى نفسه من الله بملء ء الأرض ذهبا بوزن جبالها وتلالها وترابها ورمالها وسهلها ووعرها وبرها وبحرها. وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج حدثني شعبة عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شئ أكنت مفتديا به؟ قال: فيقول نعم، فيقول الله قد أردت منك أهون من ذلك قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم ان لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك ". وهكذا أخرجه البخاري ومسلم " طريق أخرى " وقال الإمام أحمد: حدثنا روح حدثنا حماد عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول له يا ابن آدم كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب خير منزل فيقول: سل وتمن فيقول: ما أسأل ولا أتمنى إلا أن تردني إلى