كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم فإن كنتم أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك ونتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها في أموالنا فإنكم عندنا رضا قال محمد بن جعفر: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين " فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ما أحببت الامارة قط حبي إياها يومئذ رجاء أن أكون صاحبها فرحت إلى الظهر مهجرا فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سلم ثم نظر عن يمينه وشماله فجعلت أتطاول له ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح فدعاه فقال " اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه " قال عمر: فذهب بها أبو عبيدة رضي الله عنه. وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج: أن وفد أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه إلا أنه قال في الاشراف: كانوا اثني عشر وذكر بقيته بأطول من هذا السياق وزيادات أخر.
وقال البخاري: حدثنا عباس بن الحسين حدثنا يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحق عن صلة بن زفر عن حذيفة رضي الله عنه قال: جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل فوالله لئن كان نبيا فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا قالا: إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلا أمينا ولا تبعث معنا إلا أمينا فقال " لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين " فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " قم يا أبا عبيدة بن الجراح " فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا أمين هذه الأمة ". رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث إسرائيل عن أبي إسحق عن صلة عن حذيفة بنحوه وقد رواه أحمد والنسائي وابن ماجة من حديث إسرائيل عن أبي إسحق عن صلة عن ابن مسعود بنحوه. وقال البخاري: حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن خالد عن أبي قلابة عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ". وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن يزيد الرقي أبو يزيد حدثنا قرة عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو جهل قبحه الله إن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على رقبته قال: فقال " لو فعل لاخذته الملائكة عيانا ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا " وقد رواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم به وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقد روى البيهقي في دلائل النبوة قصة وفد نجران مطولة جدا ولنذكره فإن فيه فوائد كثيرة وفيه غرابة وفيه مناسبة لهذا المقام قال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ أبو سعيد ومحمد بن موسى بن الفضل قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن سلمة بن عبد يسوع عن أبيه عن جده قال يونس - وكان نصرانيا فأسلم - أن رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان " باسم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران أسلم أنتم فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب. أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام ". فلما أتى الأسقف الكتاب وقرأه فظع به وذعره ذعرا شديدا وبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة وكان من همدان ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة قبله لا الأيهم ولا السيد ولا العاقب فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل فقرأه فقال الأسقف: يا أبا مريم ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما يؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل ليس لي في أمر النبوة رأي ولو كان في أمر من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأيي واجتهدت لك فقال الأسقف: تنح فاجلس فتنحى شرحبيل فجلس