الذي عاهدكم الله عليه من الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث كما أخذ العهد والميثاق على الأنبياء وأممهم بذلك واتقى محارم الله واتبع طاعته وشريعته التي بعث بها خاتم رسله وسيدهم " فإن الله يحب المتقين.
إن الذين يشترون بعهد الله ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (77) يقول تعالى إن الذين يعتاضون عما عاهدوا الله عليه من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وذكر صفته للناس وبيان أمره وعن أيمانهم الكاذبة الفاجرة الآثمة بالأثمان القليلة الزهيدة وهي عروض هذه الحياة الدنيا الفانية الزائلة " أولئك لا خلاق لهم في الآخرة " أي لا نصيب لهم فيها ولاحظ لهم منها " ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة " أي برحمة منه لهم يعني لا يكلمهم الله كلام لطف بهم ولا ينظر إليهم بعين الرحمة " ولا يزكيهم " أي من الذنوب والأدناس بل يأمر بهم إلى النار " ولهم عذاب أليم ". وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية الكريمة فلنذكر منها ما تيسر.
" الحديث الأول " قال الإمام أحمد: حدثنا عفان حدثنا شعبة قال علي بن مدرك أخبرني قال: سمعت أبا زرعة عن خرشة بن الحر عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هم؟ خسروا وخابوا قال: وأعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال " المسبل والمنفق سلعته بالحلف الكاذب والمنان ". ورواه مسلم وأهل السنن من حديث شعبة به " طريق أخرى " قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي العلاء بن الشخير عن أبي الأحمس قال: لقيت أبا ذر فقلت له بلغني عنك أنك تحدث حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما إنه لا يخالني أن كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما سمعته منه فما الذي بلغك عني؟ قلت بلغني أنك تقول: ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يشنؤهم الله قال: قلته وسمعته قلت: فمن هؤلاء الذين يحبهم الله؟ قال: " الرجل يلقى العدو في فئة فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه والقوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحبوا أن يمسوا الأرض فينزلون فيتنحى أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم والرجل يكون له الجار يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ظعن " قلت: ومن هؤلاء الذين يشنؤهم الله؟ قال " التاجر الحلاف - أو قال البائع الحلاف - والفقير المحتال والبخيل المنان ". غريب من هذا الوجه.
" الحديث الثاني " قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن جرير بن حازم حدثنا عدي بن عدي أخبرني رجاء بن حياة والعرس بن عميرة عن أبيه عدي هو ابن عميرة الكندي قال: خاصم رجل من كندة يقال له امرؤ القيس بن عامر رجلا من حضر موت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض فقضى على الحضرمي بالبينة فلم يكن له بينة فقضى على امرئ القيس باليمين فقال الحضرمي: أمكنته من اليمين يا رسول الله؟ ذهبت ورب الكعبة أرضى فقال النبي صلى الله عليه وسلم " من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحد لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان " قال رجاء: وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " فقال امرؤ القيس: ماذا لمن تركها يا رسول الله؟ فقال " الجنة " قال: فاشهد أني قد تركتها له كلها ورواه النسائي من حديث عدي بن عدي به.
" الحديث الثالث " قال أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان " فقال الأشعث: في والله كان ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني أرضي فقدمته إلى رسول الله صلى فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألك بينة "؟ قلت: لا فقال لليهودي: " احلف ". فقلت يا رسول الله إذا يحلف فيذهب مالي فأنزل الله عز وجل " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " الآية أخرجاه من حديث الأعمش " طريق أخرى " قال أحمد حدثنا يحيى بن