رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلست إلى جنب أبي وكانت زمالة أبي بكر وزمالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة مع غلام أبي بكر فجلس أبو بكر ينتظره إلى أن يطلع عليه فأطلع وليس معه بعيره فقال: أين بعيرك؟ فقال أضللته البارحة. فقال أبو بكر بعير واحد تضله؟ فطفق يضربه ورسول الله يتبسم ويقول " انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع " وهكذا أخرجه أبو داود وابن ماجة من حديث ابن إسحاق ومن هذا الحديث حكى بعضهم عن بعض السلف أنه قال: من تمام الحج ضرب الجمال ولكن يستفاد من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر - رضي الله عنه - " انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع " كهيئة الانكار اللطيف أن الأولى ترك ذلك والله أعلم.
وقد قال الامام عبد بن حميد في مسنده حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أخيه عبد الله بن عبيد الله عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده غفر له ما تقدم من ذنبه ".
وقوله " وما تفعلوا من خير يعلمه الله " لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعلا حثهم على فعل الجميل وأخبرهم أنه عالم به وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة. وقوله " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " قال العوفي عن ابن عباس: كان أناس يخرجون من أهليهم ليست معهم أزودة يقولون نحج بيت الله ولا يطعمنا؟ فقال الله تزودوا ما يكف وجوهكم عن الناس. وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة أن ناسا كانوا يحجون بغير زاد فأنزل الله " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " وكذا رواه ابن جرير عن عمرو وهو الفلاس عن ابن عيينة قال ابن أبي حاتم: وقد روى هذا الحديث ورقاء عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال وما يرويه عن ابن عيينة أصح " قلت " قد رواه النسائي عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس كان ناس يحجون بغير زاد فأنزل الله " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " وأما حديث ورقاء فأخرجه البخاري عن يحيى بن بشر عن شبابة وأخرجه أبو داود عن أبي مسعود أحمد بن الفرات الرازي ومحمد بن عبد الله المخزومي عن شبابة عن ورقاء عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون فأنزل الله " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " ورواه عبد بن حميد في تفسيره عن شبابة. ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث شبابة وروى ابن جرير وابن مردويه من حديث عمرو بن عبد الغفار عن نافع عن ابن عمر قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم أزوادهم رموا بها واستأنفوا زادا آخر فأنزل الله تعالى " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتزودوا الدقيق والسويق والكعك. وكذا قال ابن الزبير وأبو العالية ومجاهد وعكرمة والشعبي والنخعي وسالم بن عبد الله وعطاء الخراساني وقتادة والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان: وقال سعيد بن جبير: فتزودوا الدقيق والسويق والكعك. وقال وكيع بن الجراح في تفسيره: حدثنا سفيان عن محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير " وتزودوا " قال الخشكنانج والسويق. وقال وكيع أيضا: حدثنا إبراهيم المكي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر قال إن من كرم الرجل طيب زاده في السفر وزاد فيه حماد بن سلمة عن أبي ريحانة أن ابن عمر كان يشترط على من صحبه الجودة.
وقوله " فإن خير الزاد التقوى " لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة وهو استصحاب التقوى إليها كما قال " وريشا ولباس التقوى ذلك خير " لما ذكر اللباس الحسي نبه مرشدا إلى اللباس المعنوي وهو الخشوع والطاعة والتقوى وذكر أنه خير من هذا وأنفع. قال عطاء الخراساني في قوله " فإن خير الزاد التقوى " يعني زاد الآخرة. وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا عبدان حدثنا هشام بن عمار حدثنا مروان بن معاوية عن إسماعيل عن قيس عن جرير عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة " وقال مقاتل بن حيان: لما نزلت هذه الآية " وتزودوا " قام رجل من فقراء المسلمين فقال: يا رسول الله ما نجد ما نتزوده فقال