من السنة كذا في حكم المرفوع عند الأكثرين ولا سيما قول ابن عباس تفسيرا للقرآن وهو ترجمانه. وقد ورد فيه حديث مرفوع قال ابن مردويه: حدثنا عبد الباقي حدثنا نافع حدثنا الحسن بن المثنى حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " لا ينبغي لاحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج " وإسناده لا بأس به لكن رواه الشافعي والبيهقي من طريق عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل أيهل بالحج قبل أشهر الحج؟ فقال لا. وهذا الموقوف أصح وأثبت من المرفوع ويبقى حينئذ مذهب صحابي يتقوى بقول ابن عباس عن السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهره والله أعلم.
وقوله " أشهر معلومات " قال البخاري قال ابن عمر هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهذا الذي علقه البخاري بصيغة الجزم رواه ابن جرير موصولا: حدثنا أحمد بن حازم بن أبي زغرة حدثنا أبو نعيم حدثنا ورقاء عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر " الحج أشهر معلومات " قال شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة إسناد صحيح. وقد رواه الحاكم أيضا في مستدركه عن الأصم عن الحسن بن علي بن عفان عن عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر فذكره وقال هو على شرط الشيخين " قلت " وهو مروي عن عمر وعلي وابن مسعود وعبد الله بن الزبير وابن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد وإبراهيم النخعي والشعبي والحسن وابن سيرين ومكحول وقتادة والضحاك بن مزاحم والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وأبي يوسف وأبي ثور رحمهم الله واختار هذا القول ابن جرير قال: وصح إطلاق الجمع على شهرين وبعض الثالث للتغليب كما تقول العرب رأيته العام ورأيته اليوم وإنما وقع ذلك في بعض العام واليوم " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " وإنما تعجل في يوم ونصف يوم وقال الامام مالك بن أنس والشافعي في القديم هي شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله وهو رواية عن ابن عمر أيضا قال ابن جرير: حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد حدثنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عمر قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة وقال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أخبرني ابن جريج قال: قلت لنافع أسمعت عبد الله بن عمر يسمي شهور الحج؟ قال نعم كان عبد الله يسمي شوالا وذا القعدة وذا الحجة. قال ابن جريج: وقال ذلك ابن شهاب وعطاء وجابر بن عبد الله صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا إسناد صحيح إلى ابن جريج وقد حكي هذا أيضا عن طاوس ومجاهد وعروة بن الزبير والربيع بن أنس وقتادة وجاء فيه حديث مرفوع لكنه موضوع رواه الحافظ ابن مردويه من طريق حصين بن مخارق وهو متهم بالوضع عن يونس بن عبيد عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة " وهذا كما رأيت لا يصح رفعه والله أعلم. وفائدة مذهب مالك أنه إلى آخر ذي الحجة بمعنى أنه مختص بالحج فيكره الاعتمار في بقية ذي الحجة لا أنه يصح الحج بعد ليلة النحر. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال عبد الله: الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة وهذا إسناد صحيح. قال ابن جرير:
وإنما أراد من ذهب إلى أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة إنما هي للحج وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى. كما قال محمد بن سيرين: ما أحد من أهل العلم يشك في أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج. وقال ابن عون: سألت القاسم بن محمد عن العمرة في أشهر الحج فقال كانوا لا يرونها تامة " قلت " وقد ثبت عن عمر وعثمان رضي الله عنهما أنهما كان يحبان الاعتمار في غير أشهر الحج وينهيان عن ذلك في أشهر الحج والله أعلم.
وقوله " فمن فرض فيهن الحج " أي أوجب بإحرامه حجا - فيه دلالة على لزوم الاحرام بالحج والمضي فيه. قال ابن جرير: أجمعوا على أن المراد من الفرض ههنا الايجاب والالزام. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " فمن فرض فيهن الحج " يقول من أحرم بحج أو عمرة. وقال عطاء: الفرض الاحرام وكذا قال إبراهيم