والتابعين إلى وجوب الافطار في السفر لقوله " فعدة من أيام أخر " والصحيح قول الجمهور أن الامر في ذلك على التخيير صلى الله عليه وسلم ليس بحتم لأنهم كانوا يخرجون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان قال: فمنا الصائم ومنا المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم فلو كان الافطار هو الواجب لأنكر عليهم الصيام بل الذي ثبت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان في مثل هذه الحالة صائما لما ثبت في الصحيحين عن أبي الدرداء قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة " الثالثة " قالت طائفة منهم الشافعي: الصيام في السفر أفضل من الافطار لفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم وقالت طائفة بل الافطار أفضل أخذا بالرخصة ولما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الصوم في السفر فقال: " من أفطر فحسن ومن صام فلا جناح عليه " وقال في حديث آخر " عليكم برخصة الله التي رخص لكم " وقالت طائفة هما سواء لحديث عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال يا رسول الله إني كثير الصيام أفأصوم في السفر؟ فقال " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر " وهو في الصحيحين وقيل إن شق الصيام فالافطار أفضل لحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد ظلل عليه فقال: " ما هذا " قالوا صائم فقال " ليس من البر الصيام في السفر " أخرجاه فأما إن رغب عن السنة ورأى أن الفطر مكروه إليه فهذا يتعين عليه الافطار ويحرم عليه الصيام والحالة هذه لما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر وجابر وغيرهما: من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الاثم مثل جبال عرفة " الرابعة القضاء " هل يجب متتابعا أو يجوز فيه التفريق فيه قولان: " أحدهما " أنه يجب التتابع لان القضاء يحكي الأداء والثاني لا يجب التتابع بل إن شاء تابع وهذا قول جمهور السلف والخلف وعليه ثبتت الدلائل لان التتابع إنما وجب في الشهر لضرورة أدائه في الشهر فأما بعد انقضاء رمضان فالمراد صيام أيام عدة ما أفطر ولهذا قال تعالى " فعدة من أيام أخر " ثم قال تعالى " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " قال الإمام أحمد حدثنا أبو سلمة الخزاعي حدثنا أبو هلال عن حميد بن هلال العدوي عن أبي قتادة عن الاعرابي الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره " وقال أحمد أيضا: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عاصم بن هلال حدثنا عامر بن عروة الفقيمي حدثني أبي عروة، قال: كنا ننتظر النبي صلى الله عليه وسلم فخرج يقطر رأسه من وضوء أو غسل فصلى فلما قضى الصلاة جعل الناس يسألونه: علينا حرج في كذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن دين الله في يسر " ثلاثا يقولها - ورواه الإمام أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث مسلم بن أبي تميم عن عاصم بن هلال به وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو التياح سمعت أنس بن مالك يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا " أخرجاه في الصحيحين وفي الصحيحين أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ وأبي موسى حين بعثهما إلى اليمن " بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تختلفا " وفي السنن والمسانيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بعثت بالحنيفية السمحة " وقال الحافظ أبو بكر بن مرديه في تفسيره حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا أبو مسعود الحريري عن عبد الله بن شقيق عم محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي فتراءاه ببصره ساعة فقال " أتراه يصلي صادقا؟ " قال قلت يا رسول الله: هذا أكثر أهل المدينة صلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسمعه فتهلكه " وقال " إن الله إنما أراد بهذه الأمة اليسر ولم يرد بهم العسر " ومعنى قوله " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة " أي إنما أرخص لكم في الافطار للمريض والسفر ونحوهما من الاعذار لإرادته بكم اليسر وإنما أمركم بالقضاء لتكملوا عدة شهركم وقوله " ولتكبروا الله على ما هداكم " أي ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم كما قال " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا " وقال " فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " وقال " فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود " ولهذا جاءت السنة باستحباب التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات وقال ابن عباس: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير ولهذا أخذ كثير من العلماء
(٢٢٣)