تعالى " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - إلى قوله - ثم أتموا الصيام إلى الليل " قال كان المسلمون قبل أن تنزل هذه الآية إذا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا وأن عمر بن الخطاب أصاب أهله بعد صلاة العشاء وأن صرمة بن قيس الأنصاري غلبته عيناه بعد صلاة المغرب فنام ولم يشبع من الطعام ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فقام فأكل وشرب فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فأنزل الله عند ذلك " أحل لكم الصيام الرفث إلى نسائكم " يعني بالرفث مجامعة النساء " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم " يعني تجامعون النساء وتأكلون وتشربون بعد العشاء " فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن " يعني جامعوهن " وابتغوا ما كتب الله لكم " يعني الولد " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل " فكان ذلك عفوا من الله ورحمة وقال هشام عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله إني أردت أهلي البارحة على ما يريد الرجل أهله فقالت إنها قد نامت فظننتها تعتل فواقعتها فنزل في عمر " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " وهكذا رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى به وقال أبو جعفر بن جرير: حدثني المثنى حدثنا سويد أخبرنا ابن المبارك عن ابن لهيعة حدثني موسى بن جبير مولى بني سلمة أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت إني قد نمت فقال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله " علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن " الآية وهكذا روي عن مجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة وغيرهم في سبب نزول هذه الآية في عمر بن الخطاب ومن صنع كما صنع وفي صرمة بن قيس فأباح الجماع والطعام والشراب في جميع الليل رحمة ورخصة ورفقا.
وقوله " وابتغوا ما كتب الله لكم " قال أبو هريرة وابن عباس وأنس وشريح القاضي ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء والربيع بن أنس والسدي وزيد بن أسلم والحكم بن عتبة ومقاتل بن حيان والحسن البصري والضحاك وقتادة وغيرهم يعني الولد. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: " وابتغوا ما كتب الله لكم " يعني الجماع وقال عمرو بن مالك البكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس " وابتغوا ما كتب الله لكم " قال ليلة القدر رواه ابن أبي حاتم وابن جرير. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر قال: قال قتادة ابتغوا الرخصة التي كتب الله لكم يقول ما أحل الله لكم. وقال عبد الرزاق أيضا: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عباس كيف تقرأ هذه الآية " وابتغوا ما كتب الله لكم " قال أيتهما شئت عليك بالقراءة الأولى واختار ابن جرير أن الآية أعم من هذا كله.
وقوله " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل " أباح تعالى الأكل والشرب مع ما تقدم من إباحة الجماع في أي الليل شاء الصائم إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل وعبر عن ذلك بالخيط الأبيض من الخيط الأسود ورفع اللبس بقوله " من الفجر " كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أبو عبد الله البخاري حدثني ابن أبي مريم حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد قال أنزلت " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود " ولم ينزل " من الفجر " وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد " من الفجر " فعلموا أنما يعني الليل والنهار. وقال الإمام أحمد حدثنا هشام أخبرنا حصين عن الشعبي أخبرني عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض