الحجر الأسود في مكانه فقال: يا أبت من أتاك بهذا الحجر؟ فقال: أتاني به من لم يتكل على بنائك جاء به جبريل عليه السلام من السماء فأتماه.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري أخبرنا سفيان عن بشر بن عاصم عن سعيد بن المسيب عن كعب الأحبار قال: كان البيت غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما ومنه دحيت الأرض. قال سعيد: وحدثنا علي بن أبي طالب أن إبراهيم أقبل من أرض أرمينية ومعه السكينة تدله على تبوء البيت كما تتبوأ العنكبوت بيتا وقال: فكشفت عن أحجار لا يطيق الحجر إلا ثلاثون رجلا فقلت يا أبا محمد فإن الله يقول " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل " قال كان ذلك بعد وقال السدي: إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل ابنيا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود. فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة فقام هو وإسماعيل وأخذا المعاول لا يدريان أين البيت فبعث الله ريحا يقال لها الريح الخجوج لها جناحان ورأس في صورة حية فكشفت لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس فذلك حين يقول تعالى " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت " " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت " فلما بنيا القواعد فبلغا مكان الركن. قال إبراهيم لإسماعيل: يا بني اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا. قال يا أبت إني كسلان لغب. قال علي ذلك فانطلق يطلب له حجرا وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الثغامة وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس فجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن فقال يا أبت من جاءك بهذا؟ قال جاء به من هو أنشط منك فبنيا وهما يدعوان الكلمات التي ابتلى إبراهيم ربه فقال " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " وفي هذا السياق ما يدل على أن قواعد البيت كانت مبنية قبل إبراهيم وإنما هدي إبراهيم إليها وبوئ لها وقد ذهب إلى هذا ذاهبون كما قال الامام عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت " قال القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك وقال عبد الرزاق أيضا أخبرنا هشام بن حسان عن سوار ختن عطاء عن عطاء ابن أبي رباح قال: لما أهبط آدم من الجنة كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع كلام أهل السماء ودعاؤهم يأنس إليهم فهابت الملائكة حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها فخفضه الله تعالى إلى الأرض فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته فوجه إلى مكة فكان موضع قدميه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة حتى بعث الله إبراهيم عليه السلام فبناه. وذلك قول الله تعالى " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت " وقال عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال: قال آدم إني لا أسمع أصوات الملائكة قال بخطيئتك ولكن اهبط إلى الأرض فابن لي بيتا ثم أحفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل من حراء وطور زيتا وطور سيناء والجودي وكان ربضه من حراء فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم عليه السلام بعد وهذا صحيح إلى عطاء ولكن في بعضه نكارة والله أعلم.
وقال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن قتادة قال: وضع الله البيت مع آدم أهبط الله آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض فكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله عز وجل فقال الله يا آدم إني قد أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي وتصلي عنده كما يصلي عند عرشي فانطلق إليه آدم فخرج ومد له في خطوه فكان بين كل خطوتين مفازة فلم تزل تلك المفازة بعد ذلك فأتى آدم البيت فطاف به ومن بعده من الأنبياء.
وقال ابن جرير: أخبرنا ابن حميد أخبرنا يعقوب العمي عن حفص بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس قال: وضع الله البيت على أركان الماء على أربعة أركان قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ثم دحيت الأرض من تحت البيت وقال