قال الزبير بن عبد المطلب فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها:
عجبت لما تصوبت العقاب * إلى الثعبان وهي لها اضطراب وقد كانت يكون لها كشيش * وأحيانا يكون لها وثاب إذا قمنا إلى التأسيس شدت * تهيبنا البناء وقد تهاب فلما أن خشينا الرجز جاءت * عقاب تتلئب لها انصباب فضمتها إليها ثم خلت * لنا البنيان ليس له حجاب فقمنا حاشدين إلى بناء * لنا منه القواعد والتراب غداة نرفع التأسيس منه * وليس على مساوينا ثياب أعز به المليك بني لؤي * فليس لاصله منهم ذهاب وقد حشدت هناك بنو عدي * ومرة قد تقدمها كلاب فبوأنا المليك بذاك عزا * وعند الله يلتمس الثواب قال ابن إسحاق وكانت الكعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشر ذراعا وكانت تكسى القباطي ثم كسيت بعد البرود وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف. " قلت " ولم تزل على بناء قريش حتى احترقت في أول إمارة عبد الله بن الزبير بعد سنة ستين وفي آخر ولاية يزيد بن معاوية لما حاصروا ابن الزبير فحينئذ نقضها ابن الزبير إلى الأرض وبناها على قواعد إبراهيم عليه السلام وأدخل فيها الحجر وجعل لها بابا شرقيا وبابا غربيا ملصقين بالأرض كما سمع ذلك من خالته عائشة أم المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تزل كذلك مدة إمارته حتى قتله الحجاج فردها إلى ما كانت عليه بأمر عبد الملك بن مروان له بذلك كما قال مسلم بن الحجاج في صحيحه أخبرنا هناد بن السري أخبرنا ابن أبي زائدة أخبرنا ابن أبي سليمان عن عطاء قال لما أحترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام فكان من أمره ما كان تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يحزبهم أو يجيروهم على أهل الشام فلما صدر الناس: قال يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة أنقضها ثم أبني بناءها أو أصلح ما وهى منها؟ قال ابن عباس إنه قد خرق لي رأى فيها أرى أن تصلح ما وهى منها وتدع بيتا أسلم الناس عليه وأحجار أسلم الناس عليها وبعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ابن الزبير لو كان أحدهم أحترق بيته ما رضي حتى يجدده فكيف بيت ربكم عز وجل إني مستخير ربي ثلاثا ثم عازم على أمري فلما مضت ثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها فتحاماها الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء حتى صعده رجل فألقى منه حجارة فلما لم يره الناس أصابه شئ تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض فجعل ابن الزبير أعمدة يستر عليها الستور حتى أرتفع بناؤه وقال ابن الزبير إني سمعت عائشة رضي الله عنها تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم: قال " لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر وليس عندي من النفقة ما يقويني على بنائه لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع ولجعلت له بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه " قال فأنا أجد ما أنفق ولست أخاف الناس قال: فزاد فيه خمسه أذرع من الحجر حتى أبدى له أسا نظر الناس إليه فبنى عليه البناء وكان طول الكعبة ثمانية عشر ذراعا فلما زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشرة أذرع وجعل له بابين أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك يستجيزه بذلك ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة فكتب إليه عبد الملك إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شئ أما ما زاده في طوله فأقره وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد الباب الذي فتحه فنقضه وأعاده إلى بنائه وقد رواه النسائي في سننه عن هناد عن يحيى بن أبي زائدة عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن الزبير عن عائشة بالمرفوع منه ولم يذكر القصة وقد كانت السنة أقرارا ما فعله عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما لأنه هو الذي وده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن خشي أن تنكره قلوب بعض الناس لحداثة عهدهم بالاسلام وقرب عهدهم من الكفر ولكن خفيت هذه السنة على