عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كل حرف من القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة " وكذا رواه الإمام أحمد عن حسن بن موسى عن ابن لهيعة عن دراج بإسناده مثله ولكن في هذا الاسناد ضعف لا يعتمد عليه ورفع هذا الحديث منكر وقد يكون من كلام الصحابي أو من دونه والله أعلم وكثيرا ما يأتي بهذا الاسناد تفاسير فيها نكارة فلا يغتر بها فإن السند ضعيف والله أعلم.
وقوله تعالى " بديع السماوات والأرض " أي خالقهما على غير مثال سبق قال مجاهد والسدي وهو مقتضى اللغة ومنه يقال للشئ المحدث بدعة كما جاء في صحيح مسلم " فإن كل محدثه بدعة " والبدعة على قسمين تارة تكون بدعة شرعية كقوله " فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " وتارة تكون بدعة لغوية كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارهم: نعمت البدعة هذه وقال ابن جرير " بديع السماوات والأرض " مبدعهما وإنما هو مفعل فصرف إلى فعيل كما صرف المؤلم إلى الأليم والمسمع إلى السميع: ومعنى المبدع المنشئ والمحدث ما لا يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد قال ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعا لاحداثه فيه ما لم يسبق إليه غيره وكذلك كل محدث قولا أو فعلا لم يتقدم فيه متقدم فإن العرب تسميه مبتدعا ومن ذلك قول أعشى بن ثعلبة في مدح هوذة بن علي الحنفي:
يدعى إلى قول سادات الرجال إذا * أبدوا له الحزم أو ما شاءه ابتدعا أي يحدث ما شاء قال ابن جرير: فمعنى الكلام سبحان الله أن يكون له ولد وهو مالك ما في السماوات والأرض تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية وتقر له بالطاعة وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه وهذا إعلام من الله لعباده أن ممن يشهد له بذلك المسيح الذي أضافوا إلى الله بنوته وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته وهذا من ابن جرير رحمه الله كلام جيد وعبارة صحيحة: وقوله تعالى " وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه وأنه إذا قدر أمرا وأراد كونه فإنما يقول له كن أي مرة واحدة فيكون أي فيوجد على وفق ما أراد كما قال تعالى " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " وقال تعالى " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " وقال تعالى " وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر " وقال الشاعر:
إذا ما أراد لله أمرا فإنما * يقول له كن قوله فيكون ونبه بذلك أيضا على أن خلق عيسى بكلمة كن فكان كما أمره الله قال الله تعالى " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ".
وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا أية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون (118) قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله في ذلك من قوله " وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية " وقال مجاهد " وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا الآية " قال النصارى تقوله وهو اختيار ابن جرير قال لان السياق فيهم. وفي ذلك نظر وحكى القرطبي " لولا يكلمنا الله " أي يخاطبنا بنبوتك يا محمد قلت وهو ظاهر السياق والله أعلم وقال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي في تفسير هذه الآية هذا قول كفار العرب " كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم " قال هم اليهود والنصارى ويؤيد هذا القول أن القائلين ذلك هم مشركو العرب قوله تعالى " وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى