مثله مرفوعا ذكره القرطبي وقوله تعالى " أو ننسها " فقرئ على وجهين ننسأها وننسها فأما من قرأها بفتح النون والهمزة بعد السين فمعناه نؤخرها. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " ما ننسخ من آية أو ننسها " يقول ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها. وقال مجاهد: عن أصحاب ابن مسعود أو ننسأها نثبت خطها ونبدل حكمها. وقال عبد بن عمير ومجاهد وعطاء أو ننسأها نؤخرها ونرجأها وقال عطية العوفي: أو ننسأها: نؤخرها فلا ننسخها وقال السدي مثله أيضا وكذا الربيع بن أنس وقال الضحاك " ما ننسخ من آية أو ننسأها " يعني الناسخ من المنسوخ وقال أبو العالية ما ننسخ من آية أو ننسأها " نؤخرها عندنا وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي أخبرنا خلف أخبرنا الخفاف عن إسماعيل يعني ابن أسلم عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خطبنا عمر رضي الله عنه فقال: يقول الله عز وجل " ما ننسخ من آية أو ننسأها " أي نؤخرها وأما على قراءة " أو ننسها " فقال عبد الرازق عن معمر عن قتادة في قوله " ما ننسخ من آية أو ننسها " قال كان الله عز وجل ينسى نبيه صلى الله عليه وسلم ما يشاء وينسخ ما يشاء.
وقال ابن جرير: أخبرنا سواد بن عبد الله أخبرنا خالد بن الحارث أخبرنا عوف عن الحسن أنه قال في قوله " أو ننسها " قال: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قرأ قرآنا ثم نسيه وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا ابن نفيل أخبرنا محمد بن الزبير الحراني عن الحجاج يعني الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار فأنزل الله عز وجل " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " قال ابن أبي حاتم: قال لي أبو جعفر بن نفيل ليس هو الحجاج بن أرطاة هو شيخ لنا جزري وقال عبيد بن عمير " أو ننسها " نرفعها من عندكم وقال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم أخبرنا هشيم أخبرنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن القاسم بنو ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقرأ " ما ننسخ من آية أو ننسها " قال: قلت له فإن سعيد بن المسيب يقرأ " أو ننساها " قال: فقال سعد إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب قال: قال الله جل ثناؤه " سنقرئك فلا تنسى * واذكر ربك إذا نسيت " وكذا رواه عبد الرزاق عن هشيم وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي حاتم الرازي عن آدم عن شعبة عن يعلى بن عطاء به وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال ابن أبي حاتم: وروي عن محمد بن كعب وقتادة وعكرمة نحو قول سعيد وقال الإمام أحمد أخبرنا يحيى أخبرنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر: علي أقضانا وأبي أقرؤنا وإنا لندع من قول أبي وذلك أن أبيا يقول: ما أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم والله يقول " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " قال البخاري: أخبرنا يحيى أخبرنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر: أقرؤنا أبي وأقضانا علي وإنا لندع من قول أبي وذلك أن أبيا يقول: لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله " ما ننسخ من آية أو ننسها ". وقوله " نأت بخير منها أو مثلها " أي في الحكم بالنسبة إلى مصلحة المكلفين كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " نأت بخير منها " يقول خير لكم في المنفعة وأرفق بكم وقال أبو العالية " ما ننسخ من آية " فلا نعمل بها " أو ننساها " أي نرجئها عندنا نأت بها أو نظيرها وقال السدي " نأت بخير منها أو مثلها " يقول نأت بخير من الذي نسخناه أو مثل الذي تركناه وقال قتادة " نأت بخير منها أو مثلها " يقول آية فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر فيها نهي. وقوله " ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير * ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ومالكم من دون الله من ولي ولا نصير " يرشد عباده تعالى بهذا إلى أنه المتصرف في خلقه بما يشاء فله الخلق والامر وهو المتصرف فكما خلقهم كما يشاء ويسعد من يشاء ويشقي من يشاء ويصح من يشاء ويمرض من يشاء ويوفق من يشاء ويخذل من يشاء كذلك يحكم في عباده بما يشاء فيحل ما يشاء ويحرم ما يشاء. ويبيح ما يشاء ويحظر ما يشاء وهو الذي يحكم ما يريد لا معقب لحكمه ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ويختبر عباده وطاعتهم لرسله بالنسخ فيأمر بالشئ لما فيه من المصلحة التي يعلمها تعالى ثم ينهى عنه لما يعلمه تعالى فالطاعة كل الطاعة في امتثال أمره