قوله * (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) * (العنكبوت: 4) * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم) * (الجاثية: 21) * (آلم * أحسب الناس أن يتركوا) * (العنكبوت: 1، 2) ومثل قراءة من رفع * (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) * (الزخرف: 80) * (أيحسبون أنما نمدهم به) * (المؤمنون: 55) * (أيحسب الإنسان ألن نجمع) * (القيامة: 3) فهذه مخففة من الثقيلة لأن الناصبة للفعل لا يقع بعدها (لن) ومثل المذهبين في الظن قوله * (تظن أن يفعل) * (القيامة: 25) * (إن ظنا أن يقيما) * (البقرة: 230) ومن الرفع قوله: * (وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن) * (الجن: 5) * (وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا) * (الجن: 7) فأن ههنا الخفيفة من الشديدة كقوله * (علم أن سيكون) * (المزمل: 20) لأن (أن) الناصبة للفعل لا تجتمع مع لن ، لأن (لن) تفيد التأكيد، و (أن) الناصبة تفيد عدم الثبات كما قررناه. المسألة الثانية: أن باب حسب من الأفعال التي لا بد لها من مفعولين، إلا أن قوله * (أن لا تكون فتنة) * جملة قامت مقام مفعولي حسب لأن معناه: وحسبوا الفتنة غير نازلة بهم. المسألة الثالثة: ذكر المفسرون في (الفتنة) وجوها، وهي محصورة في عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، ثم عذاب الدنيا أقسام: منها القحط، ومنه الوباء، ومنها القتل، ومنها العداوة، ومنها البغضاء فيما بينهم، ومنها الادبار والنحوسة، وكل ذلك قد وقع بهم، وكل واحد من المفسرين حمل الفتنة على واحد من هذه الوجوه. وأعلم أن حسبانهم أن لا تقع فتنة يحتمل وجهين: الأول: أنهم كانوا يعتقدون أن النسخ ممتنع على شرع موسى عليه السلام، وكانوا يعتقدون أن الواجب عليهم في كل رسول جاء بشرع آخر أنه يجب عليهم تكذيبه وقتله، والثاني: أنهم وإن اعتقدوا في أنفسهم كونهم مخطئين في ذلك التكذيب والقتل إلا أنهم كانوا يقولن: نحن أبناء الله وأحباؤه، وكانوا يعتقدون أن نبوة أسلافهم وآبائهم تدفع عنهم العقاب الذي يستحقونه بسبب ذلك القتل والتكذيب. ثم قال تعالى: * (فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون) *. فيه مسائل: المسألة الأولى: الآية دالة على أن عماهم وصممهم عن الهداية إلى الحق حصل مرتين. واختلف المفسرون في المراد بهاتين على وجوه: الأول: المراد أنهم عموا وصموا في زمان زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام، ثم تاب الله على بعضهم حيث وفق بعضهم للإيمان به، ثم عموا وصموا كثير منهم في زمان محمد عليه الصلاة والسلام فأن أنكروا نبوته ورسالته، وإنما قال * (كثير منهم) * لأن أكثر اليهود وإن أصروا على الكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام إلا أن
(٥٧)