الحرف ضعيفة. الثاني: أنها وإن كانت تعمل لكن إنما تعلم في الاسم فقط، أما الخبر فإنه بقي مرفوعا بكونه خبر المبتدأ، وليس لهذا الحرف في رفع الخبر تأثير، وهذا مذهب الكوفيين، وقد بيناه بلا دليل في سورة البقرة في تفسير قوله * (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم) * (البقرة: 6) الثالث: أنها إنما يظهر أثرها في بعض الأسماء، أما الأسماء التي لا يتغير حالها عند اختلاف العوامل فلا يظهر أثر هذا الحرف فيها، والأمر ههنا كذلك، لأن الاسم ههنا هو قوله * (الذين) * وهذه الكلمة لا يظهر فيها أثر الرفع والنصب والخفض. إذا ثبت هذا فنقول: إنه إذا كان اسم * (إن) * بحيث لا يظهر فيه أثر الإعراب، فالذي يعطف عليه يجوز النصب على إعمال هذا الحرف، والرفع على إسقاط عمله، فلا يجوز أن يقال: إن زيدا وعمرو قائمان لأن زيدا ظهر فيه أثر الإعراب، لكن إنما يجوز أن يقال: إن هؤلاء وإخوتك يكرموننا، وإن هذا نفسه شجاع، وإن قطام وهند عندنا، والسبب في جواز ذلك أن كلمة * (إن) * كانت في الأصل ضعيفة العمل، وإذا صارت بحيث لا يظهر لها أثر في اسمها صارت في غاية الضعف، فجاز الرفع بمقتضى الحكم الثابت قبل دخول هذا الحرف عليه، وهو كونه مبتدأ، فهذا تقرير قول الفراء، وهو مذهب حسن وأولى من مذهب البصريين، لأن الذي قالوه يقتضي أن كلام الله على الترتيب الذي ورد عليه ليس بصحيح، وإنما تحصل الصحة عند تفكيك هذا النظم، وأما على قول الفراء فلا حاجة إليه، فكان ذلك أولى. المسألة الثانية: قال بعض النحويين: لا شك أن كلمة " إن " من العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر، وكون المبتدأ مبتدأ والخبر خبرا وصف حقيقي ثابت حال دخول هذا الحرف وقبله، وكونه مبتدأ يقتضي الرفع. إذا ثبت هذا فنقول: المعطوف على اسم " إن " يجوز انتصابه بناء على إعمال هذا الحرف، ويجوز ارتفاعه أيضا لكونه في الحقيقة مبتدأ محدث عنه ومخبرا عنه. طعن صاحب " الكشاف " فيه وقال: إنما يجوز ارتفاعه على العطف على محل (إن واسمها) بعد ذكر الخبر، وتقول: إن زيدا منطلق وعمرا وعمرون بالنصب على اللفظ، والرفع على موضع (إن) واسمها، لأن الخبر قد تقدم، وأما قبل ذلك الخبر فهو غير جائز، لأنا لو رفعناه على محل (إن واسمها) لكان العامل في خبرهما هو المبتدأ، ولو كان كذلك لكان العامل في خبرهما هو الابتداء، لأن الابتداء هو المؤثر في المبتدأ والخبر معا، وحينئذ يلزم الخبر المتأخر أن يكون مرفوعا بحرف (إن) وبمعنى الابتداء فيجتمع على المرفوع الواحد رافعان مختلفان، وأنه محال.
(٥٢)