مشابها لغيره في الذات والصفات والأفعال، فهو الله سبحانه واحد في ذاته، لا شريك له في صفاته، ولا نظير له واحد في أفعاله لا شبيه له تعالى وتقدس والله أعلم. أما قوله سبحانه * (الذي خلق السماوات والأرض) * ففيه مسألتان: الأولى: في السؤالات المتوجهة على هذه الآية وهي ثلاثة: السؤال الأول: أن قوله * (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض) * جار مجرى ما يقال: جاءني الرجل الفقيه. فإن هذا يدل على وجود رجل آخر ليس بفقيه، وإلا لم يكن إلى ذكر هذه الصفة حاجة كذا ههنا قوله * (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض) * يوهم أن هناك إلها لم يخلق السماوات والأرض، وإلا فأي فائدة في هذه الصفة؟ والجواب: أنا بينا أن قوله (الله) جار مجرى اسم العلم. فإذا ذكر الوصف لاسم العلم لم يكن المقصود من ذكر الصوف التمييز، بل تعريف كون ذلك المعنى المسمى، موصوفا بتلك الصفة. مثاله إذا قلنا الرجل العالم، فقولنا: الرجل اسم الماهية، والماهية تتناول الأشخاص المذكورين الكثيرين. فكان المقصود ههنا من ذكر الوصف تمييز هذا الرجل بهذا الاعتبار عن سائر الرجال بهذه الصفة. أما إذا قلنا: زيد العالم، فلفظ زيد اسم علم، وهو لا يفيد إلا هذه الذات المعينة، لأن أسماء الأعلام قائمة مقام الإشارات. فإذا وصفناه بالعلمية امتنع أن يكون المقصود منه تمييز ذلك الشخص عن غيره، بل المقصود منه تعريف كون ذلك المسمى موصوفا بهذه الصفة. ولما كان لفظ (الله) من باب أسماء الأعلام، لا جرم كان الأمر على ما ذكرناه والله أعلم. السؤال الثاني: لم قدم ذكر السماء على الأرض، مع أن ظاهر التنزيل يدل على أن خلق الأرض مقدم على خلق السماء؟ والجواب: السماء كالدائرة، والأرض كالمركز، وحصول الدائرة يوجب تعين المركز ولا ينعكس، فإن حصول المركز لا يوجب تعين الدائرة لإمكان أن يحيط بالمركز الواحد دوائر لا نهاية لها، فلما كانت السماء متقدمة على الأرض بهذا الاعتبار وجب تقديم ذكر السماء على الأرض بهذا الاعتبار. السؤال الثالث: لم ذكر السماء بصيغة الجمع والأرض بصيغة الواحد مع أن الأرضين أيضا كثيرة بدليل قوله تعالى * (ومن الأرض مثلهن) * (الطلاق: 12). والجواب: أن السماء جارية مجرى الفاعل والأرض مجرى القابل. فلو كانت المساء واحدة لتشابه الأثر، وذلك يخل بمصالح هذا العالم. أما لو كانت كثيرة اختلفت الاتصالات الكوكبية فحصل بسببها الفصول
(١٤٨)