من قرأ جميع ذلك بإثبات الهاء في الوصل والوقف، غير أن ذلك وإن كان كذلك فلقوله:
* (لم يتسنه) * حكم مفارق حكم ما كان هاؤه زائدا لا شك في زيادته فيه.
ومما يدل على صحة ما قلنا، من أن الهاء في يتسنه من لغة من قال: قد أسنهت والمسانهة، ما:
حدثت به عن القاسم بن سلام، قال: ثنا ابن مهدي، عن أبي الجراح، عن سليمان بن عمير، قال: ثني هانئ مولى عثمان، قال: كنت الرسول بين عثمان وزيد بن ثابت، فقال زيد: سله عن قوله: لم يتسن، أو لم يتسنه؟ فقال عثمان: اجعلوا فيها هاء.
حدثت عن القاسم، وحدثنا محمد بن محمد العطار، عن القاسم، وحدثنا أحمد والعطار جميعا، عن القاسم، قال: ثنا ابن مهدي، عن ابن المبارك، قال: ثني أبو وائل شيخ من أهل اليمن عن هانئ البربري، قال: كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف، فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها: لم يتسن و " فأمهل الكافرين " ولا تبديل للخلق. قال: فدعا بالدواة، فمحا إحدى اللامين وكتب: * (لا تبديل لخلق الله) * ومحا فأمهل وكتب: * (فمهل الكافرين) * وكتب: لم يتسنه ألحق فيها الهاء.
ولو كان ذلك من يتسنى أو يتسنن لما ألحق فيه أبي هاء لا موضع لها فيه، ولا أمر عثمان بإلحاقها فيها. وقد روي عن زيد بن ثابت في ذلك نحو الذي روي فيه عن أبي بن كعب.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله * (لم يتسنه) * فقال بعضهم بمثل الذي قلنا فيه من أن معناه لم يتغير. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن المفضل، عن محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه: * (لم يتسنه) * لم يتغير.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: * (لم يتسنه) * لم يتغير.