قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك الموت ربه أن يأذن له أن يبشر إبراهيم بذلك، فأذن له، فأتى إبراهيم وليس في البيت فدخل داره، وكان إبراهيم أغير الناس، إن خرج أغلق الباب، فلما جاء وجد في داره رجلا، فثار إليه ليأخذه، قال: من أذن لك أن تدخل داري؟ قال ملك الموت: أذن لي رب هذه الدار، قال إبراهيم: صدقت! وعرف أنه ملك الموت، قال: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت جئتك أبشرك بأن الله قد اتخذك خليلا.
فحمد الله وقال: يا ملك الموت أرني الصورة التي تقبض فيها أنفاس الكفار. قال:
يا إبراهيم لا تطيق ذلك. قال: بلى. قال: فأعرض! فأعرض إبراهيم ثم نظر إليه، فإذا هو برجل أسود تنال رأسه السماء يخرج من فيه لهب النار، ليس من شعرة في جسده إلا في صورة رجل أسود يخرج من فيه ومسامعه لهب النار. فغشي على إبراهيم، ثم أفاق وقد تحول ملك الموت في الصورة الأولى، فقال: يا ملك الموت لو لم يلق الكافر عند الموت من البلاء والحزن إلا صورتك لكفاه، فأرني كيف تقبض أنفاس المؤمنين! قال: فأعرض!
فأعرض إبراهيم ثم التفت، فإذا هو برجل شاب أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا، في ثياب بيض، فقال: يا ملك الموت لو لم يكن للمؤمن عند ربه من قرة العين والكرامة إلا صورتك هذه لكان يكفيه. فانطلق ملك الموت، وقام إبراهيم يدعو ربه يقول: * (رب أرني كيف تحيي الموتى) * حتى أعلم أني خليلك * (قال أو لم تؤمن) * بأني خليلك، يقول تصدق، * (قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * بخلولتك.
حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير: * (ولكن ليطمئن قلبي) * قال: بالخلة.
وقال آخرون: قال ذلك لربه لأنه شك في قدرة الله على إحياء الموتى. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب في قوله: * (ولكن ليطمئن قلبي) * قال: قال ابن عباس: ما في القرآن آية أرجى عندي منها.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: