وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال ابن عباس: خاوية: خراب. قال ابن جريج: بلغنا أن عزيرا خرج فوقف على بيت المقدس وقد خربه بختنصر، فوقف فقال: أبعد ما كان لك من القدس والمقاتلة والمال ما كان! فحزن.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: * (وهي خاوية على عروشها) * قال: هي خراب.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: مر عليها عزير وقد خربها بختنصر.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (وهي خاوية على عروشها) * يقول: ساقطة على سقفها.
القول في تأويل قوله تعالى: * (قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام) *.
ومعنى ذلك فيما ذكرت: أن قائله لما مر ببيت المقدس، أو بالموضع الذي ذكر الله أنه مر به خرابا بعد ما عهده عامرا، قال: * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) *؟ فقال بعضهم:
كان قيله ما قال من ذلك شكا في قدرة الله على إحيائه. فأراه الله قدرته على ذلك بضربه المثل له في نفسه، ثم أراه الموضع الذي أنكر قدرته على عمارته وإحيائه، أحيى ما رآه قبل خرابه، وأعمر ما كان قبل خرابه. وذلك أن قائل ذلك كان فيما ذكر لنا عهده عامرا بأهله وسكانه، ثم رآه خاويا على عروشه، قد باد أهله وشتتهم القتل والسباء، فلم يبق منهم بذلك المكان أحد، وخربت منازلهم ودورهم، فلم يبق إلا الأثر. فلما رآه كذلك بعد الحال التي عهده عليها، قال: على أي وجه يحيي هذه الله بعد خرابها فيعمرها! استنكارا فيما قاله بعض أهل التأويل. فأراه كيفية إحيائه ذلك بما ضربه له في نفسه، وفيما كان من شرابه وطعامه، ثم عرفه قدرته على ذلك وعلى غيره بإظهاره إحياء ما كان عجبا عنده في قدرة الله