لهم منه عقوبة، بل محاسبته إياهم إن شاء الله عليها ليعرفهم تفضله عليهم بعفوه لهم عنها كما بلغنا عن رسول الله (ص) في الخبر الذي:
حدثني به أحمد بن المقدام، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، عن ابن عمر، عن نبي الله (ص) قال: يدني الله عبده المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه فيقرره بسيئاته يقول: هل تعرف؟ فيقول نعم، فيقول: سترتها في الدنيا وأغفرها اليوم. ثم يظهر له حسناته، فيقول: هاؤم اقرؤا كتابيه أو كما قال: وأما الكافر، فإنه ينادى به على رؤوس الاشهاد.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي وسعيد وهشام، وحدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا هشام، قالا جميعا في حديثهما، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، قال: بينما نحن نطوف بالبيت مع عبد الله بن عمر وهو يطوف، إذ عرض له رجل، فقال: يا ابن عمر أما سمعت رسول الله (ص) يقول في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه، فيقول:
هل تعرف كذا؟ فيقول: رب اغفر مرتين، حتى إذا بلغ به ما شاء الله أن يبلغ قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، قال: فيعطى صحيفة حسناته أو كتابه بيمينه. وأما الكفار والمنافقون، فينادى بهم على رؤوس الاشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين.
إن الله يفعل بعبده المؤمن من تعريفه إياه سيئات أعماله حتى يعرفه تفضله عليه بعفوه له عنها، فكذلك فعله تعالى ذكره في محاسبته إياه بما أبداه من نفسه، وبما أخفاه من ذلك، ثم يغفر له كل ذلك بعد تعريفه تفضله وتكرمه عليه، فيستره عليه، وذلك هو المغفرة التي وعد الله عباده المؤمنين، فقال: يغفر لمن يشاء.