يعني بقوله جل ثناؤه: * (أنت مولانا) * أنت ولينا بنصرك دون من عاداك وكفر بك، لأنا مؤمنون بك ومطيعوك فيما أمرتنا ونهيتنا، فأنت ولي من أطاعك، وعدو من كفر بك فعصاك، فانصرنا لأنا حزبك، على القوم الكافرين الذي جحدوا وحدانيتك، وعبدوا الآلهة والأنداد دونك، وأطاعوا في معصيتك الشيطان. والمولى في هذا الموضع المفعل من ولى فلان أمر فلان فهو يليه ولاية، وهو وليه ومولاه، وإنما صارت الياء من ولى ألفا لانفتاح اللام قبلها التي هي عين الاسم.
وقد ذكروا أن الله عز وجل لما أنزل هذه الآية على رسول الله (ص)، فتلاها رسول الله (ص)، استجاب الله له في ذلك كله. ذكر الاخبار التي جاءت بذلك:
حدثني المثنى بن إبراهيم ومحمد بن خلف قالا: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: قال لما نزلت هذه الآية: * (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) * قال: قرأها رسول الله (ص)، فلما انتهى إلى قوله: * (غفرانك ربنا) * قال الله عز وجل: قد غفرت لكم، فلما قرأ: * (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) * قال الله عز وجل: لا أحملكم فلما قرأ: * (واغفر لنا) * قال الله تبارك وتعالى: قد غفرت لكم، فلما قرأ: * (وارحمنا) * قال الله عز وجل: قد رحمتكم، فلما قرأ: * (وانصرنا على القوم الكافرين) * قال الله عز وجل: قد نصرتكم عليهم.
حدثني يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، قال: أتى جبريل النبي (ص)، فقال: يا محمد قل: * (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) * فقالها، فقال جبريل: قد فعل، وقال له جبريل: قل * (ربنا لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) * فقالها، فقال جبريل: قد فعل، فقال: قل * (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) *، فقالها: فقال جبريل (ص): قد فعل، فقال: قل * (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) *. فقالها، فقال جبريل: قد فعل.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، قال: زعم السدي أن هذه الآية حين نزلت: * (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) * فقال له جبريل: فعل ذلك يا محمد، * (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) * فقال له جبريل في كل ذلك: فعل ذلك يا محمد.