حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله:
* (ذلكم أقسط عند الله) * يقول: أعدل عند الله.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وأقوم للشهادة) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: وأصوب للشهادة. وأصله من قول القائل: أقمته من عوجه، إذا سويته فاستوى. وإنما كان الكتاب أعدل عند الله وأصوب لشهادة الشهود على ما فيه، لأنه يحوي الألفاظ التي أقر بها البائع والمشتري ورب الدين والمستدين على نفسه، فلا يقع بين الشهود اختلاف في ألفاظهم بشهادتهم لاجتماع شهادتهم على ما حواه الكتاب، وإذا اجتمعت شهادتهم على ذلك، كان فصل الحكم بينهم أبين لمن احتكم إليه من الحكام، مع غير ذلك من الأسباب، وهو أعدل عند الله، لأنه قد أمر به، واتباع أمر الله لا شك أنه عند الله أقسط وأعدل من تركه والانحراف عنه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وأدنى أن لا ترتابوا) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (وأدنى) * وأقرب، من الدنو: وهو القرب. ويعني بقوله:
* (أن لا ترتابوا) * من أن لا تشكوا في الشهادة.) كما:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (ذلك أدنى أن لا ترتابوا) * يقول: أن لا تشكوا في الشهادة.
وهو تفتعل من الريبة. ومعنى الكلام: (ولا تملوا أيها القوم أن تكتبوا الحق الذي لكم قبل من داينتموه من الناس إلى أجل صغيرا كان ذلك الحق، قليلا أو كثيرا، فإن كتابكم ذلك أعدل عند الله وأصوب لشهادة شهودكم عليه، وأقرب لكم أن لا تشكوا فيما شهد به شهودكم عليكم من الحق والأجل إذا كان مكتوبا.) (القول في تأويل قوله تعالى: * (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح أن لا تكتبوها) *.
ثم استثنى جل ذكره مما نهاهم عنه أن يسأموه من اكتتاب كتب حقوقهم على غرمائهم بالحقوق التي لهم عليهم، ما وجب لهم قبلهم من حق عن مبايعة بالنقود الحاضرة يدا بيد، فرخص لهم في ترك اكتتاب الكتب بذلك، لان كل واحد منهم، أعني من الباعة والمشترين، يقبض - إذا كان التواجب بينهم فيما يتبايعونه بعد - ما وجب له قبل مبايعيه قبل المفارقة، فلا حاجة لهم في ذلك إلى اكتتاب أحد الفريقين على الفريق الآخر كتابا بما