حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كتابا يقول: مدادا، يقرؤها كذلك، يقول:
فإن لم تجدوا مدادا، فعند ذلك تكون الرهون المقبوضة، * (فرهان مقبوضة) *، قال: لا يكون الرهن إلا في السفر.
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، قال: إن أبا العالية كان يقرؤها: فإن لم تجدوا كتابا، قال أبو العالية: توجد الدواة ولا توجد الصحيفة.
واختلف القراء في قراءة قوله: * (فرهان مقبوضة) * فقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والعراق: * (فرهان مقبوضة) * بمعنى جماع رهن، كما الكباش جماع كبش، والبغال جماع بغل، والنعال جماع نعل. وقرأ ذلك جماعة آخرون: فرهن مقبوضة على معنى جمع رهان ورهن جمع الجمع، وقد وجهه بعضهم إلى أنها جمع رهن مثل سقف وسقف. وقرأه آخرون: * (فرهن) * مخففة الهاء، على معنى جماع رهن، كما تجمع السقف سقفا، قالوا:
ولا نعلم اسما على فعل يجمع على فعل وفعل إلا الرهن والرهن والسقف والسقف.
والذي هو أولى بالصواب في ذلك قراءة من قرأه: * (فرهان مقبوضة) * لان ذلك الجمع المعروف لما كان من اسم على فعل، كما يقال حبل وحبال وكعب وكعاب، ونحو ذلك من الأسماء. فأما جمع الفعل على الفعل أو الفعل فشاذ قليل إنما جاء في أحرف يسيرة، وقيل سقف وسقف وسقف، وقلب وقلب وقلب من قلب النخل، وجد وجد.
للجد الذي هو بمعنى الحظ. وأما ما جاء من جمع فعل على فعل فثط وثط، وورد وورد، وخود وخود. وإنما دعا الذي قرأ ذلك: فرهن مقبوضة إلى قراءته فيما أظن كذلك مع شذوذه في جمع فعل، أنه وجد الرهان مستعملة في رهان الخيل، فأحب صرف ذلك عن اللفظ الملتبس برهان الخيل، الذي هو بغير معنى الرهان، الذي هو جمع رهن، ووجد الرهن مقولا في جمع رهن، كما قال قعنب:
بانت سعاد وأمسى دونها عدن * وغلقت عندها من قلبك الرهن