وامتحانكم، لإن الاختبار والامتحان الإلهي - كما قلنا سابقا - يعني " التربية ".
وبهذا يجاب على كل اعتراض وإشكال يورد في المقام على أثر الفهم الخاطئ لمفهوم الآية.
3 خلافة الإنسان في الأرض:
إن النقطة الأخرى الجديرة بالاهتمام، هي أن القرآن الكريم وصف الإنسان مرارا بالخلافة، وأنه خليفة الله في أرضه، أن هذا الوصف، وهذا التعبير ضمن بيانه لمكانة الإنسان يبين هذه الحقيقة أيضا، وهي: أن الله تبارك وتعالى هو المالك الأصلي والحقيقي للأموال والثروات والقابليات، وجميع المواهب الإلهية الممنوحة للإنسان، وما الإنسان - في الحقيقة - إلا خليفة الله وكيل من جانبه، ومأذون من قبله.
ومن البديهي أن الوكيل - مهما كان - فهو غير مستقل في تصرفاته، بل يجب أن تخضع تصرفاته لإذن صاحبها الأصلي، وتقع ضمن إجازته.
ومن هنا يتضح أن الإسلام - مثلا - يختلف عن النظام الشيوعي، وكذا عن النظام الرأسمالي في مسألة المالكية، لأن الفريق الأول يخصص الملكية بالجماعة، والفريق الثاني يخصصها بالفرد، بينما يقول الإسلام: الملكية لا هي للفرد ولا هي للمجتمع، بل هي في الحقيقة لله تعالى، والناس وكلاء الله، وخلفاؤه.
وبهذا الدليل نفسه يراقب الإسلام طريقة تصرف الأفراد في الأموال كسبا وصرفا، ويضع لكل ذلك قيودا وشروطا تجعل الاقتصاد الإسلامي نظاما متميزا في مقابل الأنظمة الأخرى.
" ختام سورة الأنعام "