الرسالة الملقاة على عاتقه، ولا من ناحية ردود فعل المعارضين والأعداء الألداء تجاه دعوته، ولا من ناحية النتيجة المتوقعة من تبليغه ودعوته.
هذا ويمكن إدراك المشكلات التي كانت تعرقل حركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إدراكا كاملا إذا عرفنا أن هذه السورة من السور المكية، ونحن وإن كنا نعجز عن تصور جميع الجزئيات والتفاصيل المرتبطة بحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبه في المحيط المكي، وفي مطلع الدعوة الإسلامية، ولكن مع الالتفات إلى حقيقة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عليه أن يقوم بنهضة ثورية في جميع المجالات والأصعدة في تلك البيئة المتخلفة جدا وفي مدة قصيرة، يمكن أن نتصور على نحو الاجمال أبعاد وأنواع الصعاب التي كانت تنتظره.
وعلى هذا الأساس يكون من الطبيعي أن يعمد الله سبحانه إلى تسلية النبي وتطمينه بأن لا يشعر بالضيق والحرج، وأن يطمئن إلى نتيجة جهوده.
ثم يضيف تعالى في الجملة اللاحقة أن الهدف من نزول هذا الكتاب العزيز هو إنذار الناس وتحذيرهم من عواقب نواياهم وأعمالهم الشريرة، وتذكير المؤمنين الصادقين، إذا يقول: لتنذر به وذكرى للمؤمنين (1).
هذا ومجئ قضية " الإنذار " في صورة الأمر العام الموجه للجميع، واختصاص " التذكير " بالمؤمنين خاصة، إنما هو لأجل أن الدعوة إلى الحق، ومكافحة الانحرافات يجب أن تتم بصورة عامة وشاملة، ولكن من الواضح أن المؤمنين هم وحدهم الذين ينتفعون بهذه الدعوة، أولئك الذين تتوفر لديهم أرضيات مستعدة لقبول الحق، وقد أبعدوا عن أنفسهم روح العناد واللجاج وسلموا أمام الحقائق.