للعبودية والمظالم الظاهرة والخفية.
إن من المسلم أنه لا يمكن أن تعتبر هذه الأمور من فعل المشيئة الإلهية، وليس من الصحيح مطلقا الدفاع عن مثل هذه الاختلافات غير المبررة أساسا.
ولكن في نفس الوقت لا يمكن إنكار أنه حتى لو روعيت جميع أصول العدالة في المجتمع الإنساني - أيضا - فإنه لا يتساوى الناس جميعا من حيث القابليات ومن حيث الفكر، والذوق، وفي الذكاء، والسليقة وحتى من جهة التركيب البدني.
ولكن هل وجود هذه الاختلافات والفوارق مخالف لمبدأ العدالة، أو أنه على العكس يكون هو العدل بمعناه الواقعي، يعني أن مبدأ وضع كل شئ في محله يوجب أن يكون الأفراد غير متساوين.
إذا كان جميع الأفراد في المجتمع الإسلامي متساوين ومتشابهين في المواهب والقابليات كالقماش أو الأواني التي تخرج من مصنع واحد، كان المجتمع الإنساني - حينئذ - مجتمعا ميتا ساكنا جامدا عاريا عن التحرك والتكامل.
انظروا إلى نبتة الورد، فهناك جذور قوية متينة، وسوق رقيقة، ولكنها متينة نوعا ما، وفروع ألطف، ثم أوراق وأوراد بعضها ألطف من بعض، وهذه المجموعة المتنوعة في تراكيبها والمختلفة في متانتها ولطافتها تشكل نبتة وردة جميلة تختلف فيها الخلايا بحسب اختلافها في وظائفها، وتختلف فيها القابليات والاستعدادات بحسب اختلافها ووظائفها.
إن نفس هذا الموضوع يلحظ في العالم البشري، فأفراد البشر يشكلون من حيث المجموع شجرة كبيرة واحدة يقوم كل فرد برسالة خاصة في هذا الصرح العظيم، وله بنيان مخصوص يتلاءم مع وظائفه.
ولهذا يقول القرآن الكريم: إن هذه الفوارق وهذا التفاوت وسيلة لاختباركم