وإن كانت مشتملة على المسائل اللازمة، إلا أنها أقل مستوى بكثير - من حيث السعة والأبعاد الأخلاقية، والاجتماعية والعقيدية - من مفاد الآيات الحاضرة.
3 10 - كيف غيرت هذه الآيات وجه المدينة المنورة؟
لقد وردت في بحار الأنوار، وكذا في كتاب أعلام الورى قصة جميلة تحكي عن تأثير هذه الآيات البالغ في نفوس المستمعين، وها نحن ندرج هنا القصة المذكورة باختصار وفقا لما جاء في بحار الأنوار برواية علي بن إبراهيم.
قدم أسعد بن زرارة، وذكوان بن عبد قيس مكة في موسم من مواسم العرب وهما من الخزرج، وكان بين الأوس والخزرج حرب قد بقوا فيها دهرا طويلا، وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنهار، وكان آخر حرب بينهم يوم بعاث، وكانت الغلبة فيها للأوس على الخزرج، فخرج أسعد بن زرارة وذكوان إلى مكة يسألون الحلف على الأوس وكان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة فنزل عليه، وقص عليه ما جاء من أجله فقال عتبة بن ربيعة في جواب أسعد: بعدت دارنا من داركم، ولنا شغل لا نتفرغ لشئ، قال أسعد: وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟ قال عتبة: خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله، سفه أحلامنا، وسب آلهتنا، وأفسد شبابنا، وفرق جماعتنا.
فقال له أسعد: من هو منكم؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، من أوسطنا شرفا، وأعظمنا بيتا.
فلما سمع أسعد وذكوان ذلك، أخذا يفكران فيه، ووقع في قلبهما ما كانا يسمعانه من اليهود، أن هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة.
فقال أسعد: أين هو؟
قال عتبة: جالس في الحجر (حجر إسماعيل) وأنهم (أي المسلمون) لا يخرجون من شعبهم إلا في المواسم، فلا تسمع منه، ولا تكلمه، فإنه ساحر يسحرك بكلامه، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب.