ويستفاد من قوله تعالى: إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ونظائره، أن هذه الأحكام لم تكن مختصة بدين معنين أو شريعة خاصة، خاصة وأنها من الأصول والمبادئ التي يحكم بها العقل ويؤيدها من دون تلكؤ أو تأخير، وبهذا يكون مضمون الآيات السابقة هو بيان الأحكام التي لم تكن مختصة بالإسلام، بل هي موجودة ومقررة في جميع الأديان.
ثم قال عقيب ذلك في هذه الآيات: ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن فقد أتممنا نعمتنا على المحسنين والذين سلموا لأمره واتبعوه.
ومما قيل يتضح معنى كلمة " ثم " تستعمل في اللغة العربية عادة في " العطف مع التراخي " ويكون معنى الآية هو: أننا آتينا هذه التعاليم والوصايا العامة للأنبياء السابقين أولا، ثم آتينا موسى كتابا سماويا وبينا فيه هذه التعاليم والبرامج وغيرها من التعاليم والبرامج اللازمة.
وبهذا لا حاجة إلى ما ذهب إليه بعض المفسرين من التوجيهات المختلفة، والضعيفة أحيانا في هذا المجال.
كما تتضح هذه النقطة أيضا، وهي أن عبارة: الذي أحسن إشارة إلى جميع المحسنين، والذين يستجيبون للحق، ويقبلون بالأوامر الإلهية.
وتفصيلا لكل شئ فإن فيه كل شئ مما يحتاج إليه المجتمع، ومما له أثر في تكامل الإنسان وترشيده.
وهدى ورحمة أي أن في هذا الكتاب الذي نزل على موسى مضافا إلى ما سبق: هدى ورحمة.
إن جميع هذه البرامج ما هي إلا لكي يؤمنوا بيوم القيامة، وبلقاء الله، ولكي يطهروا عن طريق الإيمان بالمعاد أفكارهم، وأقوالهم، وأعمالهم ويزكوها:
لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون.
هذا، ويمكن أن يقال: إذا كانت شريعة موسى شريعة كاملة (كما يستفاد من