الاستناد إلى الأكثرية، فلا ننس أن هذا - كما قلنا - نوع من الاضطرار والوصول إلى طريق مسدود، إذ لا يمكن العثور في مجتمع مادي على وسيلة صحيحة وسليمة لاتخاذ القرارات ولسن القوانين.
لذلك نجد الكثير من العلماء مضطرين إلى القبول بفكرة الأكثرية، على الرغم من اعترافهم بأن هذه القاعدة كثيرا ما يصاحبها الخطأ، وذلك لأن عيوب الوسائل الأخرى أكثر.
بيد أن مجتمعا مؤمنا برسالة الأنبياء لا يجد نفسه مضطرا لإتباع نظر الأكثرية في سن القوانين، لأن مناهج الأنبياء الصادقة وقوانينهم الإلهية خالية من كل عيب ونقص، ولا يمكن مقارنتها بما تستصوبه الأكثرية المعرضة للخطأ.
لو ألقينا نظرة على وضع العالم اليوم وعلى الحكومات القائمة على أساس رأي الأكثرية، وعلى القوانين السقيمة التي تمليها الأهواء ثم تقرها الأكثرية، لرأينا أن الأكثرية العددية لم تداو جرحا، بل إن معظم الحروب وأكثر المفاسد أقرتها الأكثرية.
الاستعمار، والاستغلال، والحروب، وإراقة الدماء، وحرية تعاطي المسكرات، والقمار، والإجهاض، والبغاء، وغير ذلك مما يندي له الجبين خجلا، قد أقرتها الأكثرية في المجالس النيابية في كثير من البلدان التي تصف نفسها بأنها متقدمة باعتبارها تعكس رغبة أكثرية عامة الناس، وهذا دليل على حقيقة ما نقول.
ومن الناحية العلمية نتساءل هل أن أكثرية المجتمعات صادقة؟ هل الأكثرية أمينة؟ أتراها تمنع نفسها من الاعتداء على حقوق الآخرين، إذا استطاعت؟ هل تنظر الأكثرية إلى منافعها ومنافع الآخرين بنظرة واحدة؟
الإجابات ناطقة بلسان الحال لا المقال، لذلك لابد من الاعتراف بأن استناد العالم المعاصر إلى الأكثرية نوع من الإكراه تفرضه الأوضاع القائمة، وانه شر