السماوي قرؤوها في كتبهم ويعلمون أنه نزل من الله بالحق: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق.
وعلى ذلك لم يبق مجال للشك فيه، وكذلك أنت أيها النبي لا تشك فيه أبدا، فلا تكونن من الممترين.
هنا يبرز هذا السؤال: هل كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يداخله أدنى شك ليخاطب بمثل هذا القول؟
والجواب: هو ما سبق أن قلناه في مثل هذه الحالات، وهو أن المخاطب في الحقيقة هم الناس، وما مخاطبة النبي مباشرة إلا لتوكيد الموضوع وترسيخه، وليكون التحذير للناس أقوى وأبلغ.
الآية التالية تقول: وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم.
" الكلمة " بمعنى القول، وتطلق على كل جملة وكل كلام مطولا كان أم موجزا، وقد تطلق على الوعد، كما في الآية: وتمت كلمة ربك على بني إسرائيل بما صبروا (1)، لأن الشخص عندما يعد يتلفظ ببعض الكلمات المتضمنة لمفهوم الوعد.
وقد تأتي بمعنى الدين والحكم والأمر للسبب نفسه.
أما بالنسبة لاستعمالها في هذه الآية فقيل إنها تعني القرآن، وقيل إنها دين الله، وقيل: وعد النصر الذي وعد الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم). وليس بين هذه تعارض، فقد تكون الآية أرادت هذه المعاني جميعا، ولأن الآيات السابقة كانت تشير إلى القرآن، فتفسير الكلمة بالقرآن أقرب.
فيكون معنى الآية إذن: إن القرآن ليس موضع شك بأي شكل من الأشكال، فهو كامل من جميع الجهات ولا عيب فيه، وكل أخباره وما فيه من تواريخ صدق،