الأغراض، ثم إن وجود أمثال هؤلاء الأعداء المعاندين المتعصبين لا يضر المؤمنين الصادقين، شيئا، بل يؤدي بشكل غير مباشر إلى تكامل الجماعة المؤمنة، لأن التكامل يسير عبر التضاد، ووجود عدو قوي له تأثير على تعبئة الطاقات البشرية وتقوية الإرادة.
لذلك يأمر الله نبيه في آخر السورة أن لا يلقى بالا إلى أمثال هذه الأعمال الشيطانية: فذرهم وما يفترون.
ملاحظات:
نسترعي الانتباه إلى النقاط التالية:
1 - في هذه الآية ينسب الله إلى نفسه وجود شياطين الإنس والجن في قبال الأنبياء بقوله: وكذلك جعلنا... واختلف المفسرون في معنى هذه العبارة، ولكن كما سبق أن شرحنا جميع أعمال الناس يمكن أن تنسب إلى الله، لأن ما يملكه الناس انما هو من الله، فقدرتهم منه، وكذلك حرية اختيارهم وإرادتهم، لذلك فان أمثال هذه التعبيرات لا يمكن أن تعني سلب حرية الإنسان واختياره، ولا أن الله قد خلق بعض الناس ليتخذوا موقف العداء من الأنبياء، إذ لو كان الأمر كذلك لما توجهت إليهم أية مسؤولية بشأن عدائهم للأنبياء، لأن عملهم في هذه الحالة يعتبر تنفيذا لرسالتهم، والأمر ليس كذلك... بالطبع.
ولا يمكن إنكار ما لوجود أمثال هؤلاء الأعداء - المختارين طبعا - من أثر بناء غير مباشر في تكامل المؤمنين، وبتعبير آخر: يستطيع المؤمنون الصادقون أن ينتزعوا من وجود الأعداء أثرا إيجابيا متخذين منه وسيلة لرفع مستواهم ووعيهم وإعدادهم للمقاومة، لأن وجود العدو يحفز الإنسان لاستجماع قواه.
2 - للشياطين (جمع شيطان) معنى واسع يشمل كل طاغ معاند مؤذ، لذلك يطلق القرآن على الوضيع الخبيث الطاغي من البشر اسم الشيطان، كما نلاحظ في هذه الآية حيث ذكر شياطين الإنس وغير الإنس الذين لا نراهم، أما " إبليس "