في نوع من السكون والراحة، لذلك نجد في الطبيعة أن النوم في الليل لا يقتصر على الحيوانات فقط، بل إن النباتات تنام في الليل أيضا، وعند بزوغ خيوط الصباح الأولى تشرع بفعاليتها ونشاطها، بعكس الإنسان في هذا العصر الآلي، فهو يبقى مستيقظا إلى ما بعد منتصف الليل، ثم يظل نائما حتى بعد ساعات من طلوع الشمس، فيفقد بذلك نشاطه وسلامته.
في الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) نجد التأكيد على ما ينسجم مع هذا التنظيم، من ذلك ما جاء في نهج البلاغة عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال يوصي أحد قواده "... ولا تسر أول الليل فإن الله جعله سكنا وقدره مقاما لا ضعنا، فارح فيه بدنك وروح ظهرك " (1).
وفي حديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " تزوج بالليل فإنه جعل الليل سكنا " (2).
وفي كتاب الكافي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) أنه كان يأمر بعدم ذبح الذبائح في الليل وقبل طلوع الفجر، وكان يقول: " إن الله جعل الليل سكنا لكل شئ " (3).
ثم يشير الله تعالى إلى الثالثة من نعمه ودلائل عظمته بجعل الشمس والقمر وسيلة للحساب: والشمس والقمر حسبانا.
" الحسبان " بمعنى الحساب، ولعل القصد منه أن الدوران المنظم لهاتين الكرتين السماويتين وسيرهما الدائب (المقصود طبعا حركتها في أنظارنا وهي الناشئة عن حركة الأرض) عون لنا على وضع مناهجنا الحياتية المختلفة وفق مواعيد محسوبة، كما ذكرنا في التفسير.