لم تستطيع العلوم البشرية الوصول إلى كنه حقيقتها ورفع الستار عن أسرارها لتخطو إلى أعماق مجهولاتها، ولتعرف كيف يمكن لعناصر الطبيعة وموادها الجامدة أن تطفر طفرة عظيمة فتتحول إلى كائنات حية.
قد يأتي ذلك اليوم الذي يستطيع فيه الإنسان أن يصنع كائنا حيا باستخدام التركيبات الطبيعية المختلفة وتحت ظروف معقدة خاصة، وبطريقة تركيب أجزاء مصنعة، كما يفعلون بالمكائن والأجهزة، غير أن قدرة البشر " المحتملة " في المستقبل لا تستطيع أن تقلل من أهمية مسألة الحياة وتعقيداتها التي تبدأ من المبدع القادر.
لذلك نجد القرآن - وفي معرض إثبات وجود الله - كثيرا ما يكرر هذا الموضوع، كما يستدل أنبياء عظام كإبراهيم وموسى - على وجود مبدأ قادر حكيم بمسألة الحياة والموت لإقناع جبابرة طغاة مثل نمرود وفرعون.
يقول إبراهيم لنمرود: ربي الذي يحيي ويميت (1)، ويقول موسى لفرعون:
وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى (2).
ينبغي ألا ننسى أن ظهور الحي من الميت لا يختص في بداية ظهور الحياة على الأرض فقط، بل يحدث هذا في كل وقت بانجذاب الماء والمواد الأخرى إلى خلايا الكائنات الحية، فتكتسي كائنات غير حية بلباس الحياة، وعليه فإن القانون الطبيعي السائد اليوم والقائل بأنه لا يمكن في الظروف الحالية التي تسود الأرض لأي كائن غير حي أن يتحول إلى كائن حي، وحيثما وجد كائن حي فثمة بذرة حية وجد منها هو قانون لا يتعارض مع ما قلناه، (فتأمل بدقة)!
ويستفاد من روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير هذه الآية والآيات المشابهة لها، أن ذلك يشمل الحياة والموت الماديين كما يشمل الحياة والموت