السابقين، ولذلك لا تعارض بينهما (1).
ولكن من المستبعد جدا أن يكون المشركون المعاندون المعاصرون لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خيرا من الضالين السابقين، وعليه فلا حل للإشكال إلا بما قلناه.
2 - نقرأ في هذه الآيات أنه عندما لم يكن لابتلائهم بالشدائد تأثير في توعيتهم، فإن الله يفتح أبواب الخيرات على أمثال هؤلاء الآثمين، فهل هذا ترغيب بعد المعاقبة، أم هو مقدمة لعقاب أليم؟ أي: هل هذه النعم نعم استدراجية، تغمر المتمرد تدريجيا بالرفاهية والتنعم والسرور... تغمره بنوع من الغفلة، ثم ينتزع منه كل شئ دفعة واحدة؟
ثمة قرائن في الآية تؤيد الاحتمال الثاني، ولكن ليس هناك ما يمنع من قبول الاحتمالين، أي أنه ترغيب وتحريض على الاستيقاظ، فإن لم يؤثر، فمقدمة لسلب النعمة ومن ثم إنزال العذاب الأليم.
جاء في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج) ثم تلى الآية فلما نسوا... (2).
وفي حديث عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: " يا ابن آدم، إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره " (3).
وفي كتاب (تلخيص الأقوال) عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) قال: " إن قنبر مولى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أدخل على الحجاج، فقال: ما الذي كنت تلي من علي بن أبي طالب؟ قال: كنت أوضيه، فقال له: ماذا يقول إذا فرغ من وضوئه؟ فقال: كان يتلو هذه الآية: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا