الظالمون (1).
" بغتة " بمعنى " فجأة " و " جهرة " بمعنى " الظاهر " والعلانية، والمألوف استعمال " سرا " في مقابل " جهرة " لا " بغتة "، ولكن لما كانت مقدمات العمل المباغت خافية غالبا، إذ لولا خفاؤه لما كان مباغتا، فإن في " بغتة " يكمن معنى الخفاء والسرية أيضا.
والقصد هو أن القادر على إنزال مختلف العقوبات، وسلب مختلف النعم هو الله وحده، وإن الأصنام لا دور لها في هذا أبدا، لذلك ليس ثمة ما يدعو إلى اللجوء إليها، لكن الله لحكمته ورحمته لا يعاقب إلا الظالمين.
ومن هذا يستفاد أن للظلم معنى واسعا يشمل أنواع الشرك والذنوب، بل إن القرآن يعتبر الشرك ظلما عظيما، كما قال لقمان لابنه: لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم (2).
الآية الثالثة تشير إلى مركز الأنبياء، فتقول: ليست الأصنام العديمة الروح هي وحدها العاجزة عن القيام بأي أمر، فإن الأنبياء العظام والقادة الإلهيين أيضا لا عمل لهم سوى إبلاغ الرسالة والإنذار والتبشير، فكل ما هنالك من نعم إنما هي من الله وبأمره، وأنهم إن أرادوا شيئا طلبوه من الله: وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين.
والاحتمال الآخر في ربط هذه الآية بالآيات السابقة هو أن تلك الآيات كانت تتكلم عن البشارة والإنذار، وهنا يدور القول على أن هذا هو هدف بعثة الأنبياء، فهم مبشرون ومنذرون.
ثم تقول: إن طريق النجاة ينحصر في أمرين، فالذين يؤمنون ويصلحون