المريض أن لا يلح في القاء الأسئلة على طبيبه العطوف، لأن هذا الإلحاح قد يحرج الطبيب، فيصرح للمريض بما لا ينبغي أن يصارحه به تخلصا من هذا الإصرار واللجاج.
كذلك الناس عموما، فهم في التعامل فيما بينهم يحتاجون إلى أن يحسن بعضهم الظن ببعض، فللحفاظ على هذا الرصيد الهام، خير لهم ألا يعرفوا خفايا الآخرين، إذ أن لكل امرئ نقاط ضعيفه، فانكشاف نقاط ضعف الناس يضر بالتعاون فيما بينهم فقد يكون امرؤ ذو شخصية مؤثرة قد ولد في عائلة واطئة ومنحطة، وإذا انكشف هذا فقد تتزلزل آثاره الوجودية في المجتمع، لذلك ينبغي على الناس ألا يلحوا في السؤال والتفتيش في هذا المجال.
كما أن الكثير من الخطط والمناهج الاجتماعية يلزمها الكتمان حتى يتم تنفيذها، فالإعلان عنها يعتبر ضربة تؤخر سرعة إنجاز العمل.
هذه وأمثالها نماذج لما لا يصح فيه الإلحاح في السؤال، وعلى القادة أن لا يفشوا أمثال هذه الأسرار ما لم يقعوا تحت ضغط شديد.
والقرآن في هذه الآية يشير إلى الموضوع نفسه ويقول: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.
ولكن الحاح بعض الناس بالسؤال من جهة، وعدم الإجابة على أسئلتهم من جهة أخرى، قد يثير الشكوك والريب عند الآخرين بحيث يؤدي الأمر إلى مفاسد أكثر، لذلك تقول الآية: وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم فيشق عليكم الأمر.
أما قصر افشائها على وقت نزول القرآن، فذلك لأن تلك التساؤلات كانت متعلقة بمسائل ينبغي أن تنزل أجوبتها عن طريق الوحي.
ثم لا تحسبوا الله غافلا عن ذكر بعض الأمور إن سكت عنها، فقد عفا الله عنها والله غفور حليم.