وكذلك الحال بالنسبة للأنف والأذن والسن والجروح الأخرى، والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص....
وعلى هذا الأساس فإن حكم القصاص يطبق بشكل عادل على المجرم الذي يرتكب أحد الجرائم المذكورة، دون الالتفات إلى عنصره أو قوميته أو طبقته الاجتماعية أو طائفته، ولا مجال أبدا لاستخدام التمايز القومي أو الطبقي أو الطائفي لتأخير تطبيق حكم القصاص على الجاني.
وبديهي أن تطبيق حكم القصاص على المعتدي شأنه شأن الأحكام الإسلامية الأخرى، مقيد بشروط وحدود ذكرتها كتب الفقه، ولا يختص هذا الكلام ولا ينحصر ببني إسرائيل وحدهم، لأن الإسلام - أيضا - جاء بنظيره كما ورد في آية القصاص في سورة البقرة - الآية (178).
وقد أنهت هذه الآية التمايز غير العادل الذي كان يمارس في ذلك الوقت حيث ذكرت بعض التفاسير أن تمايزا غريبا كان يسود بين طائفتين من اليهود، هما بنو النضير وبنو قريظة الذين كانوا يقطنون المدينة المنورة في ذلك العصر، لدرجة أنه إذا قتل أحد أفراد طائفة بني النضير فردا آخر من طائفة بني قريظة فالقاتل لا ينال القصاص، بينما في حالة حصول العكس فإن القاتل الذي كان من طائفة بني قريظة كان ينال القصاص إن هو قتل واحدا من أفراد طائفة بني النضير.
ولما امتد نور الإسلام إلى المدينة سأل بنو قريظة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذا الأمر، فأكد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا فرق في الدماء بين دم ودم... فاعترضت قبيلة بني النضير على حكم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وادعت أن حكمه حط من شأنهم، فنزلت الآية الأخيرة وبينت أن هذا الحكم غير مختص بالاسلام، بل حتى الديانة اليهودية أوصت بتطبيق قانون القصاص بصورة عادلة (1).
ولكي لا يحصل وهم أن القصاص أو المقابلة بالمثل أمر الزامي لا يمكن