الحيدة عنه، استدركت الآية بعد ذكر حكم القصاص فبينت أن الذي يتنازل عن حقه في هذا الأمر ويعفو ويصفح عن الجاني، يعتبر عفوه كفارة له عن ذنوبه بمقدار ما يكون للعفو من أهمية فمن تصدق به فهو كفارة له.... (1) ويجب الانتباه إلى أن الضمير الوارد في كلمة (به) يعود على القصاص، وكانت الآية جعلت التصدق بالقصاص عطية أو منحة للجاني واستخدام عبارة " التصدق " والوعد الذي قطعه الله للمتصدق، يعتبران عاملا محفزا على العفو والصفح، لأن القصاص لا يمكنه أن يعيد للإنسان ما فقده مطلقا، بل يهبه نوعا من الهدوء والاستقرار النفسي المؤقت، بينما العفو الذي وعد به الله للمتصدق، بإمكانه أن يعوضه عما فقده بصورة أخرى، وبذلك يزيل عن قلبه ونفسه بقايا الألم والاضطراب، ويعتبر هذا الوعد خير محفز لمثل هؤلاء الأشخاص.
وقد ورد عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله - الإمام الصادق - (عليه السلام) عن قوله الله عز وجل: فمن تصدق به فهو كفارة لهو.. قال: " يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى " (2).
وتعتبر هذه الجملة القرآنية في الحقيقة خير جواب مفحم للذين يزعمون أن القصاص ليس بقانون عادل، ويدعون أنه يشجع روح الانتقام والمثلة.
والذي يفهم من الصياغة العامة للآية هو أن جواز القصاص إنما هو لإخافة وإرعاب الجناة وبالنتيجة لضمان الأمن لأرواح الناس الأبرياء، كما أن الآية فتحت باب العفو والتوبة، وبذلك أراد الإسلام أن يحول دون ارتكاب مثل هذه الجرائم باستخدام الروادع والحوافز كالخوف والأمل، كما استهدف الإسلام من ذلك - أيضا - الحيلولة دون الانتقام للدم بالدم بقدر الإمكان - إذا استحق الأمر