ولكن - وكما تشير الآية الكريمة - فإن هذا العمل لا يتناسب وروح الإيمان، لأن المؤمن الحقيقي هو ذلك الشخص الذي لا يعير اهتماما للاعتبارات في مجال الحق والعدل، ويتغاضى عن مصلحته ومصلحة أقاربه من أجل تطبيق الحق والعدل.
وتفيد هذه الآية أن للأقارب الحق في الإدلاء بالشهادة لصالح - أو ضد - بعضهما البعض، شرط الحفاظ على مبدأ العدالة (إلا إذا كانت القرائن تشير إلى وجود انحياز أو تعصب في الموضوع).
وتشير الآية بعد ذلك عوامل الانحراف عن مبدأ العدالة، فتبين أن ثروة الأغنياء يجب أن لا تحول دون الإدلاء بالشهادة العادلة، كما أن العواطف والمشاعر التي تتحرك لدى الإنسان من أجل الفقراء، يجب أن تكون سببا في الامتناع عن الأدلاء بالشهادة العادلة حتى ولو كانت نتيجتها لغير صالح الفقراء، لأن الله أعلم من غيره بحال هؤلاء الذين تكون نتيجة الشهادة العادلة ضدهم، فلا يستطيع صاحب الجاه والسلطان أن يضر بشاهد عادل يتمتع بحماية الله، ولا الفقير سيبيت جوعانا بسبب تحقيق العدالة، تقول الآية في هذا المجال: إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما.
وللتأكيد أكثر تحكم الآية بتجنب اتباع الهوى، لكي لا يبقى مانع أمام سير العدالة وتحقيقها إذ تقول الآية: فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا (1).
ويتضح من هذه الجملة - بجلاء - أن مصدر الظلم والجور كله، هو اتباع الهوى، فالمجتمع الذي لا تسوده الأهواء يكون بمأمن من الظلم والجور.
ولأهمية موضوع تحقيق العدالة، يؤكد القرآن هذا الحكم مرة أخرى، فيبين