على أنفسهم بما ارتكبوه من فظيع الفعال، وما اقترفوه من شنيع الأعمال إذ قالت:
" أظننت يا يزيد... أن بنا على الله هوانا، وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده؟ فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، جذلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوثقة والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلا مهلا أنسيت قول الله عز وجل: ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ".
3 جواب على سؤال:
إن الآية الحاضرة تجيب ضمنا على سؤال يخالج أذهان كثير من الناس وهو: لماذا يرفل بعض العصاة والمجرمين في مثل هذا النعيم، ولا يلقون جزاءهم العادل على إجرامهم؟
فإن القرآن الكريم يرد على هذا التساؤل الشائع قائلا: إن هؤلاء فقدوا كل قابلية للتغيير والإصلاح، وهم بالتالي من الذين تقتضي سنة الخلق ومبدأ حرية الإنسان واختياره أن يتركوا لشأنهم، ويوكلوا إلى أنفسهم ليصلوا إلى مرحلة السقوط الكامل، ويستحقوا الحد الأكثر من العذاب والعقوبة.
هذا مضافا إلى ما يستفاد من بعض الآيات القرآنية من أنه سبحانه قد يمد البعض بالنعم الوافرة وهو بذلك يستدرجهم، أي أنه يأخذهم فجأة وهم في ذروة التنعم، ويسلبهم كل شئ وهم في أوج اللذة والتمتع، ليكونوا بذلك أشقى من كل شقي، ويواجهوا في هذه الدنيا أكبر قدر ممكن من العذاب، لأن فقدان هذا النعيم أشد وقعا على النفس، وأكثر مرارة كما نقرأ في الكتاب العزيز: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (1).