ومما يلفت النظر أن هذه الآية تحصر أصنام المشركين بنوعين من المخلوقات هما " إناث " و " شيطان مريد ".
وكلمة " إناث " مشتقة من المصدر " أنث " على وزن " أدب " وتعني المخلوق الرقيق اللطيف والمرن، ولهذا السبب فإن العرب تقول: " أنث الحديد " إذا لان في النار، وقد سمي جنس المرأة ب " الإناث " لأنها أكثر رقة ولطفا ولينا من الرجل.
لكن بعض المفسرين يرى هنا - أن القرآن يشير في هذه الآية إلى أصنام كانت معروفة لدى قبائل العرب حيث انتخبت كل قبيلة صنما من هذه الأصنام ووضعت له اسما مؤنثا. فالصنم " اللات " سمي هكذا ليكون مؤنثا لكلمة لفظ الجلالة " الله "، أما الصنم " عزى " فهو مؤنث كلمة " أعز " وكذلك أصنام أخرى مثل " مناة " و " نائله " وأمثالها.
بينما يرى بعض اخر من كبار المفسرين أن القصد من كلمة " إناث " الواردة في الآية ليس المعنى المعروف بالمؤنث، بل أن القصد منها هو الجذر اللغوي الذي اشتقت منه هذه اللفظة، أي أن المشركين يعبدون مخلوقات ضعيفة ومطاوعة بين يدي الإنسان، وأن وجود هذه المخلوقات بكاملها قابل للتأثر والانحناء أمام الأحداث، وبعبارة أوضح: أنها موجودات لا تملك الإرادة والاختيار ولا تنفع ولا تضر شيئا أبدا.
أما كلمة " مريد " وهي من حيث الجذر اللغوي مأخوذة من مادة " مرد " بمعنى سقوط أوراق وأغصان الشجر، ولهذا سمي الشاب اليافع الذي لم ينبت الشعر في وجهه بالأمرد، وعلى هذا فإن الشيطان المريد يعني ذلك الشيطان الذي سقطت منه جميع صفات الفضيلة، ولم يبق في وجوده شئ من مصادر القوة.
أو قد تكون هذه الكلمة مأخوذة من الأصل " مرود " بمعنى الطغيان والجبروت، أي أن معبود هؤلاء الوثنيين هو شيطان متكبر متجبر.
والحقيقة أن القرآن قسم أصنام هؤلاء المشركين إلى نوعين: بعضها ضعيف