لقد بينت الآية - بعد ذلك - أسلوب التيمم بصورة إجمالية فقالت:
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه... والواضح هنا هو أن المراد ليس حمل شئ من التراب ومسح الوجه واليدين به، بل أن المقصود هو ضرب الكفين على تراب طاهر ثم مسح الوجه واليدين بهما، لكن بعض الفقهاء استدلوا بعبارة " منه " الموجودة في الآية وقالوا بضرورة أن يلاصق الكفين شئ ولو قليل من التراب (1).
بقيت مسألة أخيرة في هذا المجال، وهي مسألة معنى كلمتي صعيدا طيبا فقد ذهب الكثير من علماء اللغة إلى أن لكلمة " صعيد " معنيين هما التراب أولا، أو كل شئ يغطي سطح البسيطة أي الكرة الأرضية ثانيا، سواء كان ترابا أو صخرا أو حصى أو حجرا أو غير ذلك من الأشياء، وقد أدى هذا إلى حصول اختلاف في آراء الفقهاء حول الشئ الذي يجوز التيمم به، هل هو التراب وحده أو أن الحجر والرمل وأمثالهما - أيضا - يجوز التيمم بهما؟
وحين نرجع إلى الأصل اللغوي لكلمة " صعيد " الذي يدل على " الصعود والإرتفاع " فإن المعنى الثاني لهذه الكلمة يبدو أقرب إلى الذهن.
وتطلق كلمة " طيب " على الأشياء التي تلائم الطبع والذوق الإنساني، وقد أطلق القرآن الكريم هذه الكلمة في موارد كثيرة مثل: " البلد الطيب " و " مساكن طيبة " و " ريح طيبة " و " حياة طيبة " وغيرها... وكذلك فإن كل شئ طاهر يعتبر طيبا، لأن طبع الإنسان ينفر من الأشياء النجسة المدنسة، ومن هذا نستدل على أن تراب التيمم يجب أن يكون ترابا طاهرا أيضا.
وقد أكدت الروايات الواردة إلينا عن أئمة الإسلام (عليهم السلام) على هذا الموضوع